مزاجك اليوم
تشغل الأوضاع الاقتصادية في لبنان - وتأثيرها المباشر علي توجه السياسة الخارجية اللبنانية - المتابع العربي ..
خاصة مع تفاقم الأزمة واتجاهها للانفجار وهو ما سيتبعه موجة من عدم الاستقرار في تلك المنطقة الملتهبة من العالم ..
ومع حالة الاضطراب التي تشهدها الساحة اللبنانية وتدخل العديد من الاطراف الدولية للتأثير المباشر في الوضع علي الأرض .. أصبح من الضرورة الوقوف اللحظي لمدي تطور هذا الملف والتجاذبات بين أطرافه ..
لذا سنحاول في هذا الموضوع متابعة اخر تطورات هذا الملف المهم لنقدم للمتابع المهتم بإخبار لبنان وجبة دسمة من الاخبار والتحاليل ومتابعة علي مدار الساعة
لبنان... لا تعافي اقتصاديا إلاّ باستقرار سياسي
النائب السابق لحاكم مصرف لبنان: السعوديّة شكّلت رافعة للاقتصاد اللبناني في أزماته
بيروت: لم يغيّر تأليف حكومة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي مطلقاً في المشهد السياسي في لبنان، عمّا كان عليه في حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب، فالأزمات المفتعلة بمعظمها تتراكم وتتفاقم على المستويات الاقتصاديّة والقضائيّة والسياسيّة، ما من شأنه عرقلة عمل حكومة «معاً للإنقاذ» وإحباط خططها وبرنامجها للإصلاح إذا استمرت لعبة الشروط.فالأمور في لبنان تسير وفق أهواء فريق يريد فرض فائض قوّته على مجلس الوزراء فيما خص قضية انفجار مرفأ بيروت والتحقيقات التي يجريها المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، كما في قضيّة التصريحات غير المسؤولة لوزيري الإعلام جورج قرداحي والخارجية عبد الله بو حبيب.
ورغم أنّ الرئيس ميقاتي عزم على عدم التوقّف عند اعتكاف الوزراء الشيعة عن حضور جلسات مجلس الوزراء، إذ إنّه كثف لقاءاته مع وفود غربية ودولية وعربية ومع المؤسسات المالية الدولية والمدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي محمود محيى الدين، غير أنّ الخبراء يعتقدون أنّ التحضيرات للبدء بالمفاوضات المباشرة مع صندوق النقد الدولي ستكون شاقة للغاية، كما أن إعداد خطة التعافي الاقتصادي عملية معقدة جداً ولا تقل تعقيداً عن الوضع الراهن بكل مَفاصِله في ظل التأزّم السياسي الراهن بما فيه تعليق جلسات مجلس الوزراء والذي قضى على كل الآمال في مضي الحكومة بالمسار الإصلاحي المَرجو للخروج من أتون الأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية المستفحلة.
فتجميد جلسات مجلس الوزراء في حمأة الأزمات المتراكمة التي تحتاج إلى حلول سريعة قصيرة ومتوسطة الأجل، لا مجال لحكومة بقي لديها خمسة أشهر في حدّها الأقصى، أن تخطط لأمدٍ أبعَد وإنجاز المعجزات، لكن أقله عليها إطلاق مسار الإصلاحات التي يشدد عليها البنك الدولي وصندوق النقد كشرطٍ أساسي لرفد لبنان بالدعم المالي المطلوب.
وهذا التعطيل سينسحب على الواقع الاقتصادي والمعيشي خصوصًا أن عملية تآكل الليرة اللبنانية ما زالت مُستمرة أمام سوق سوداء متفلتة من كل القيود، وأمام احتكار وتهريب مُستمرين على قدم وساق وغياب أي إجراء من الحكومة تجاه هذا الواقع الأليم، وكأنه استمرار لسيناريو حكومة تصريف الأعمال السابقة، مع أن ترجمة هذا الواقع الأليم ستكون على عدّة مستويات، وأبرزها زيادة نسبة الفقر المتصاعدة بشكل خطير مع ضرب لهيكلية المُجتمع اللبناني خصوصًا الطبقة المتوسطّة التي اضمحلّت لصالح الطبقة الفقيرة.
وإذا كان المسؤولون يتغاضون في تصريحاتهم عن واقع الفقر، فإن تقرير الإسكوا الأخير أشار بكل وضوح إلى أن 40 في المائة من الأسر اللبنانية تعيش في فقر مُدّقع (أقلّ من 1.9 دولار أميركي في اليوم للفرد)، وأكثر من 70 في المائة من الأسر في فقر عام، و82 في المائة من الأسر في فقر عام إذا ما أخذنا الأبعاد الصحية والتعليمية؛ وإضعاف موقف لبنان في ملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي ينتظر الحكومة لبدء هذه المفاوضات.
كيف ينظر الخبراء إلى هذا الواقع الصعب والمعقد وخصوصاً أنّ صندوق النقد يطالب بتحرير سعر الصرف رغم أنّ تحريره بشكل فوري له تداعيات سلبية اجتماعياً ومعيشياً؟
تحرير سعر صرف الدولار
«المجلة» التقت النائب السابق لحاكم مصرف لبنان الدكتور مكرديش بولدقيان الذي استهل حديثه بالقول إنّه «منذ عام 1992 تاريخ تشكيل حكومة الطائف الأولى برئاسة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتسلم حاكم مصرف لبنان الحالي رياض سلامة قيادة البنك المركزي في الفترة المذكورة، ارتأى مجلس الوزراء اللبناني وبطرح وتشجيع من الرئيس الحريري اعتماد سياسة نقدية جديدة تقوم على قاعدة تثبيت سعر الليرة اللبنانية في مقابل الدولار الأميركي على سعر 1517 ليرة للدولار الواحد، الذي كان سعره 2000 ليرة وذلك بشكلٍ تدريجي».
توجّه الرئيس الحريري يومها انطلق من قاعدة أساسها أنّ مواجهة تداعيات الحرب اللبنانية الاقتصادية والمالية لا يمكن لها أن تتحقق من دون تأمين استقرار نقدي مستدام يشجع على استقبال التوظيفات والاستثمارات التي يحتاج إليها لبنان.
حققت سياسة تثبيت سعر صرف الليرة أهدافها، إذ ارتفعت الودائع المصرفية بشكل مضطرد وكبير إلى أن بلغت في نهاية عام 2019 أكثر من 180 مليار دولار (هذه الودائع غير مستقرة وقد تهرّب عند حصول أية أزمة)، كما ارتفعت قيمة الاستثمارات وازدادت نسب النمو بحيث يمكن اختصار المشهد منذ 1992 إلى بدايات 2019 بالإيجابي.
لبنان يتخوّف من انفجار الشارع من جديد
وعلى الرغم من النّتائج الإيجابية التي حقّقتها سياسة تثبيت سعر الليرة أقلّه حتى عام 2018، لم تهدأ الأصوات المحليّة والدوليّة من توجيه النقد المباشر لهذه السياسة، محذّرة من نتائجها على المدى المتوسط والطويل، وكان من بين هذه الأصوات صوت صندوق النقد الدولي الذي كان يدعو الحكومات اللبنانية المتعاقبة إلى الإقلاع عن سياسة تثبيت الأسعار لكلفتها المرتفعة والانتقال فوراً إلى سياسة تحرير أسعار الصرف.
وكان عام 2019، عام الاستحقاقات الكبرى، إذ سقطت سياسة التثبيت بعد اعتمادها لفترة زمنية طويلة وفي المقابل ارتفع سعر الدولار الذي تعدّدت أسعار صرفه لاحقاً بعد أن فقد مصرف لبنان السيطرة على السوق.
ومع تفاقم الأزمة المالية والنقدية التي أدّت إلى خسارة الليرة نسبة 90 في المائة من قيمتها إزاء الدولار، تجدّد الحديث عن ضرورة تحرير أسعار الصّرف وتوحيدها، وهذا العنوان بات اليوم بمثابة الممر الإلزامي لحصول لبنان على مساعدات صندوق النقد الدولي وذلك خلال المفاوضات التي بدأت بين الطرفين.
إلا أنّ إجراء أية مفاوضات بين أي طرفين تستوجب توفر شروط أساسية في مقدمتها الاستقرار السياسي. يقول بولدقيان: «في لبنان انطلقت منذ فترة قصيرة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ومن الطبيعي لإنجاح هذه المفاوضات توفّرعناصر الثّقة بالدولة التي تفاوض الصندوق للحصول على دعمه المالي والمعنوي. طبعاً في أعلى درجات سلّم الثقة يأتي الاستقرار السّياسي والحكومي، وهذا الاستقرار إذا اهتز كما حصل أخيراً بين لبنان والمملكة العربية السعودية، يمكن أن يؤدي إلى مخاطر كبرى، من هنا تعمل حكومة الرئيس ميقاتي على تأكيد تماسكها وتأكيد قدرتها على تجاوز بعض الخلافات في داخلها لتوجيه رسالة إيجابية إلى الصندوق، وهذا الأخير بات يدرك الخصائص اللبنانية بكل تفاصيلها، لذلك لا أعتقد أنّ المفاوضات التي شكّلت الحكومة وفداً خاصاً لها ستتأثر بأي ريح تأتي من هنا أو من هناك، تستهدف الاستقرار الحكومي في لبنان، لذلك أرى أنّ المفاوضات ستكمل طريقها لأنّها تلقى دعما دولياً».
لا مساعدات قبل الإصلاحات
وعمّا إذا كان لبنان سيحصل على الدعم قبل القيام بالإصلاحات يقول بولدقيان: «منذ البداية كان الموقف الدولي وموقف صندوق النقد الدولي أنّه لا مساعدات ودعم للبنان، قبل تنفيذ سلة من الإصلاحات. وحتى الساعة لا زال الموقف الدولي على حاله وهذا ما أكد عليه الصندوق للحكومة اللبنانية قبل أيام، وباعتقادي أنّ كلمة السر في المقاربة اللبنانية من قبل المجتمع الدولي، ليس فقط تشكيل الحكومة، لكن في أن تعلن هذه الحكومة عن برنامجٍ إصلاحي يتناغم مع مطالب المجموعة الدولية وشروط صندوق النقد الدولي. يعني لا مساعدات قبل الإصلاحات».
وعن مخاطر رفع الحد الأدنى للأجور على خزينة الدولة والقطاع الخاص، يلفت بولدقيان إلى أنّه مع استفحال الأزمة الاقتصادية وتدهور سعر صرف الليرة التي خسرت في غضون أقل من عامين نحو 90 في المائة من قيمتها مقابل الدولار، تراجعت قيمة الحد الأدنى للأجور من 500 دولار إلى 35 دولارا، فبدأت الاتحادات والنقابات العمالية المطالبة بتصحيح أجور العاملين في القطاعين العام والخاص لتمكينهم من مواجهة جنوح أسعار السلع والخدمات لا سيًما أسعار المحروقات واللحوم وأسعار النقل.
ويتابع بولدقيان: «أمام هذا الواقع المزري للرواتب والأجور، وهذا الانهيار غير المسبوق في القدرة الشرائية للأكثرية الساحقة من اللبنانيين، دخلت حكومة ميقاتي من خلال وزير العمل بمفاوضات مع أصحاب العمل والاتحاد العمالي العام لدرس إمكانات رفع الحد الأدنى للأجور وتحسين واقع المعاشات».
ويضيف: «هناك من سيقول كيف تقدم الحكومة على فتح ملف تحسين الأجور في وضع اقتصادي ومالي مأزوم يعاني منه القطاعان العام والخاص؟ الرد على هذا السؤال هو أنّ الحكومة باتت أمام خيارين اثنين: الأوّل ترك الأوضاع على ما هي عليه، أي الإبقاء على مستويات الأجور الحالية وانتظار ثورة شعبية عارمة قد تطيح بما تبقى من معالم الدولة، أما الخيار الثاني فهو تحسين مستوى الأجور بالحد الأدنى من الخسائر بالتعاون والاتفاق بين طرفي الإنتاج، وهذا الخيار الذي فضّلته الدولة، التي تدرك حجم الكتلة النقدية بالليرة التي ستتحملها الخزينة اللبنانية، إضافة إلى نسبة التضخم وارتفاع الأسعار فضلاً عن الإشكالية الكبرى وهي مصادر تمويل هذه العملية وتأثيرها على المالية العامة».
النائب السابق لحاكم مصرف لبنان الدكتور مكرديش
الاستيلاء على أموال المودعين
وعن الاتهامات التي توجّه إلى السلطة السياسية بأنّها تسعى للاستيلاء على أموال المودعين بعدم إقرار قانون الكابيتال كنترول يرى بولدقيان أنّ «في لبنان الكثير من الأقاويل ومن التحليلات والآراء المتضاربة فيما خص العديد من الملفات المالية والنقدية والاقتصادية، وصولاً إلى طرح الحلول لكل ملف ولكل موضوع، ومن ضمن الملفات المثيرة للجدل ملف قانون الكابيتال كنترول الذي تخلفت الدولة عن إقراره على مدى سنتين متتاليتين، ولا تزال بعيدة حتى الساعة عن إصدار القانون».
ويقول بولدقيان إنّ البعض يعزو سبب عدم إصدار قانون الكابيتال كنترول، إلى إفساح المجال لكبار المتموّلين والسياسيين لتهريب أموالهم إلى الخارج قبل صدور قانون تكبيل حرية التحويلات، بينما يرى البعض الآخر أنّ الهدف من تأخير إصدار القانون هو استمرار احتجاز ودائع الناس من قبل المصارف، تمهيداً لوضع اليد عليها لاحقاً.
ويتابع: «يبدو أنّ لا أحد يملك كامل المعرفة الحقيقيّة للأسباب التي حالت حتى اليوم دون إصدار القانون، الذي بات إصدارة اليوم لزوم ما لا يلزم، فمن هرب وديعته أنجز ذلك قبل فترة».
وعن رأيه بالصيغة المطلوبة لحل مشكلة المصارف يؤكّد بولدقيان أنّ القطاع المصرفي اللبناني يواجه اليوم أزمة حقيقية تضع مستقبل بعض مصارفه أمام خيارات صعبة.
ويقول: «الجميع يعلم أنّ ما وصل إليه الوضع المصرفي عندنا بات يستدعي حلولاً عاجلة وجازمة توفر لهذا القطاع فرصة استعادة الثقة بالنظام المصرفي اللبناني، بعد أن اهتزت هذه الثقة على صعيد الداخل والخارج».
هناك العديد من الحلول التي تعتمدها الدول التي عانى قطاعها المصرفي مما يشبه ما يعاني منه قطاعنا اللبناني بحسب بولدقيان، ومن هذه الحلول:
- إعادة هيكلة شاملة للقطاع المصرفي لفرز الضعيف من القوي، ومن ثم اختيار من سيبقى في السوق ومن سيخرج منها.
- إفساح المجال أمام المصارف الراغبة في حل نفسها (تصفية ذاتية) ومساعدتها في إنجاز هذه العملية.
- إجراء عمليات دمج والتشجيع على ذلك بين المصارف القابلة للحياة، أمّا الحديث عن دمج بين مصارف شبه مفلسة فيبقى كلاماً في الهواء.
الاستغناء عن نظام حكم اللصوص
وعما إذا كان لبنان ما زال بمقدوره النهوض من جديد واستعادة دوره في المنطقة، يقول بولدقيان: «الجميع يعلم حجم الأضرار البالغة التي أصابت الاقتصاد اللبناني بمختلف مكوّناته، وهذه الأضرار التي تراكمت على مدى العامين الأخيرين، لا زالت سلبيّاتها تتمدد في الجسم الاقتصادي مع تأخر مباشرة عملية معالجة أسباب الأزمة، وصولاً إلى الخروج منها تدريجياً».
ويرى أنّ مواجهة أزمة كبرى كالأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية التي ضربت لبنان، والتي وضعها صندوق النقد الدولي في عداد الأزمات الخمس الأشد والأخطر التي عرفها العالم منذ الخمسينات، تحتاج إلى معالجات استثنائية في ظل أوضاع سياسية وأمنية مستقرة، وبوجود حكم يملك الإرادة لإجراء إصلاحات حقيقية في النظام الاقتصادي والسياسي والمالي.
ويرى بولدقيان أنّ لبنان رغم أزمته المتشعبة والمعقّدة، لا زال يملك الكثير من القدرات البشرية والتقنية والمالية (أصول الدولة واحتياطي كبير من الذهب)، للخروج تدريجياً من «قعر الأزمة التي وصل إليها»، شرط أن يترافق مع ذلك أولاً، تأمين الدعم والمساعدة الدولية من خلال صندوق النقد الدولي، وثانياً وهو الأهم استعادة الثقة بنظامه المصرفي التي خسرها عندما توقّف عن سداد ودائع الناس.
ويرى أنّ استعادة الثقة تتطلب إعادة هيكلة القطاع المصرفي وإعادة هيكلة ديون الدولة الخارجية مع أصحاب هذه الديون. ومن وسائل استعادة الثقة أيضاً التخلي فوراً عن هذا النظام السياسي الذي حكم لبنان بموجبه مدة ثلاثة عقود متتالية، وهو النظام الذي أطلق عليه عدد من الباحثين الاقتصاديين «نظام الكليبتروقراطية»، أي نظام «حكم اللصوص».
أخيراً، يرى بولدقيان أنّه لا بد من الإشارة إلى الدور الكبير والمؤثر الذي لعبته وتلعبه الدول العربية على صعيد دعم الاقتصاد اللبناني، خصوصاً منها دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، التي لطالما شكّلت مظلة حماية ورافعة اقتصادية ومالية في الأزمات التي عرفها لبنان في مناسبات كثيرة.
صارت الأوضاع الاقتصادية في لبنان أكثر سوءاً، فمن أجل توفير لقمة عيشه، تحول اللبنانيون إلى عمال نظافة، يجوبون الشوارع بحثاً عن من يريد تنظيف منازلهم، وهي المرة الأولى في حياة اللبنانيين.
ويرى اللبنانيون أن الأزمة التي يعيشها بلدهم لم تترك مهنة حكرا على رجل وأخرى على امرأة، فالجميع يريد العمل لتوفير قوت يومه.
وتناول تقرير لشبكة سكاي نيوز عربية، قصة شاب يدعى خضر، يحمل دلوا وممسحة وأدوات تنظيف أخرى، ويجوب شوارع مدن لبنانية عدة بحثا عمن يريد تنظيف منزله.
يقول التقرير، إنه ولأول مرة في لبنان، اقتحم الرجال مهنة تنظيف المنازل والمكاتب، ومن بينهم الشاب الثلاثيني خضر أحمد، الذي تحرك فور انتشار عبارة "تعالوا اشتغلوا عنّا (عندنا)" على وسائل التواصل الاجتماعي، يوم تهكمت بعض العاملات الأجنبيات لدى مغادرتهن نحو بلادهن على الحال الذي وصل إليه لبنان.
واتجه خضر لتلك الخطوة، بعدما ضاقت به سبل العيش، وهو رب أسرة يرعى زوجة مريضة وطفلين إضافة إلى والديه.
ونتيجة تفشي البطالة في البلاد، قرر الشاب أن يستعين بأدوات تنظيف استعارها من أحد جيرانه بحثا عن لقمة العيش، علما بأنه كان يعمل سابقا على رعاية رجل مسن مريض بمقابل مادي، إلا أن الأخير توفي الصيف الماضي مما أغلق باب الرزق أمامه، حسبما حكى لسكاي نيوز عربية.
وقال خضر: "ما نعيشه لم يعد خافيا على أحد، وإذا لم أعمل في هذه المهنة سنجوع أنا وأولادي وأهلي الذين يعيشون بكنفي"، مضيفاً: "راودتني الفكرة بعد سماع العبارة الشهيرة التي ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي صيفا، لبعض العاملات الأجنبيات أثناء مغادرتهن مطار بيروت (تعالوا اشتغلوا عنّا)، ورغم أني لم أحصل على شهادة في التمريض فإنني كنت أعتني برجل مسن مقابل بدل مادي لا يكاد يكفيني وعائلتي بالتأكيد، وبعد رحيله لم أعثر على وظيفة".
لبنان: تزايد معدل السرقات بفعل الأزمة الاقتصادية... وتحذيرات من الأسوأ
مصدر أمني يقول إن معظمها يقوم بها راكبو الدراجات الناريةينهمك سكان مجمع سكني في منطقة خلدة (شمال بيروت) باتخاذ إجراءات حماية بعدما تمت سرقة بطاريات وإطارات سيارات ومولدات كهرباء ودراجات نارية من مبان مجاورة ليلاً.
ويعبّر سامي، وهو أحد سكان المجمع، لـ«الشرق الأوسط»، عن تخوّفه من شيوع هذه الظاهرة. ومثل جميع السكان، يتوجّس من أن «يترصد السارقون»، حسب تعبيره، سيارته أو دراجته النارية في المرة المقبلة، «خصوصاً أن نسبة السرقات في المنطقة قد ارتفعت بشكل ملحوظ».
ووسط تحذيرات من ارتفاع معدل السرقة بشكل أكبر في الفترة المقبلة، يؤكد مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أن الأمن مستتبّ رغم ارتفاع معدلات السرقة، والقوى الأمنية تسيّر دوريات على جميع الأراضي اللبنانية على مدار 24 ساعة في اليوم و7 أيام في الأسبوع، ويوضح أن «معظم السرقات تكون على شكل أعمال فردية بسبب الفقر والوضع الاقتصادي المتردي وليست مؤشراً على ارتفاع عدد العصابات في لبنان».
ويقول إن «نحو 99% من السرقات تُنفَّذ على الدراجات النارية، حيث يستقل اثنان الدراجة ويقوم أحدهما بالسرقة بينما يتولى الثاني القيادة»، ويضيف: «يسرقون بطاريات وأجزاء من السيارات ودراجات نارية ومولدات كهرباء يمكن حملها إضافةً إلى أمور أخرى».
ويوضح المصدر الأمني أن «معظم السرقات تنفّذ في الظلام خصوصاً مع انقطاع الكهرباء ليلاً عن الأراضي اللبنانية كافة وتوقف المولدات عن التغذية بعد منتصف الليل، وبالتالي تكون كاميرات المراقبة مطفأة في المباني والشوارع ما يسهّل عمليات السرقة من دون ترك أثر».
وإذ يتوقع المصدر أن تكون وتيرة ارتفاع معدلات السرقة تصاعدية، يشدد على أن القوى الأمنية تكثف إجراءاتها بشكل أكبر بسبب ارتفاع تلك المعدلات ما يلجم في مكان ما السارقين ويخفف من وتيرة عملياتهم»، ويختم بالقول: «الوضع حالياً لن يتغير لأنه مرتبط بالأزمة الاقتصادية».
في المجمع السكني في منطقة خلدة، رصد سكان المجمع مرات عدة أشخاصاً غرباء يتجولون بين المباني في الظلام وقبل ساعات الفجر الأولى، خصوصاً في الأوقات التي يكون فيها التيار الكهربائي والمولدات مطفأة.
ويؤكد خالد وهو رئيس لجنة المجمع عينه، لـ«الشرق الأوسط»، أن المرحلة حساسة جداً والسكان بصدد اتخاذ إجراءات لحماية ممتلكاتهم، منها «تركيب كشافات ضوئية تعمل على البطاريات لإنارة المشروع، وكاميرات مراقبة تعمل على البطاريات أيضاً، وتسيير دوريات حراسة من السكان»، ويتأمل أن تردع هذه الإجراءات السارقين عن الاقتراب خوفاً من رصدهم. ويقول: «بعض السكان حضّروا بنادق الصيد خوفاً من أي عملية سطو ليلية على منازلهم».
وفي العاصمة بيروت، يتنقل فريد بسيارات الأجرة بعدما تعرض لسرقة ثلاث دراجات نارية في أقل من شهر، حسبما يخبر «الشرق الأوسط». يقول: «سُرقت دراجتي الأولى أمام كاميرات المراقبة في منطقة الزيدانية (بيروت). بكل بساطة استقلها شخص وكسر المقود وأكمل بها طريقه، فاقترضت المال من والدي لشراء دراجة أخرى، لتُسرق بعد يومين من أمام مقر عملي! يومها شعرت كأن قلبي سيتوقف لأني لم أسدد المبلغ الذي أعطاني إياه والدي بعد، ولأنني لن أتمكن من شراء دراجة أخرى تنقلني إلى عملي».
ويضيف: «بعدما لاحظ صديقي غضبي وانزعاجي أعطاني إحدى دراجتيه ليخفف عني عبء التنقلات»، إلا أن السارقين «كانوا يستهدفونني بشكل شخصي»، ويضيف: «سُرقت الدراجة الثالثة من أمام منزلي في منطقة حي اللجا (بيروت) ومن يومها اتخذت القرار بعدم شراء أي وسيلة نقل جديدة».
وحسب دراسة أعدتها شركة «الدولية للمعلومات» اللبنانية، تشير آخر الأرقام إلى ارتفاع جرائم السرقة بنسبة 265%، على أثر الأزمة التي تشهدها البلاد.
وتقارن الدراسة بين فترة الشهور العشرة الأولى من عام 2021 بذات الفترة من عام 2019، مستندة في أرقامها إلى البيانات الرسمية للجرائم وتعدّها المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. وتقول إنه «في الأشهر العشرة الأولى من عام 2019 سُجلت 89 جريمة قتل، بينما في الفترة نفسها من 2021 سُجلت 179. أما عمليات السرقة، فقد ارتفعت من 1314 في الأشهر العشرة الأولى من 2019 إلى 4804 في الفترة نفسها من 2021. كما ارتفع معدل سرقة السيارات 213% من 351 عملية سرقة لمركبات في الفترة المستهدفة من 2019 إلى 1097 في 2021».
وفي هذا الإطار، يوضح الخبير في علم الاجتماع الدكتور نزار حيدر، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوضع الاقتصادي - الاجتماعي المتردي في لبنان هو السبب الرئيسي والأساسي في ارتفاع معدلات السرقة، فرواتب معظم الأشخاص بقيت على حالها في وقت ارتفعت فيه أسعار السلع والأدوية والمحروقات بشكل كبير ولم تعد تلك الرواتب تكفي حاجاتهم الأساسية، فوقعوا في عجز أمام تأمينها».
ويعيش اللبنانيون منذ نحو عامين أزمة اقتصادية خانقة، صنفها البنك الدولي على أنها الأسوأ، وأدت إلى انهيار العملة المحلية وتراجع كبير في القدرة الشرائية لمعظم المواطنين، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
ويقول حيدر: «ليس بالضرورة أن يكون سبب ارتفاع معدل السرقات في لبنان نتيجة ازدياد العصابات، بل هو بسبب ازدياد حاجة الأفراد في ظل الوضع الاقتصادي القائم لتأمين حاجات أسرهم».
ناقشت الصحف البريطانية الصادرة صباح الخميس موضوعات عدة تهم القاريء العربي منها، تهاوي الاقتصاد اللبناني، وتداعياته، والقمة الثنائية بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن، والروسي فلاديمير بوتين.
ونبدأ من صحيفة التلغراف التي نشرت تقريرا لمراسل شؤون الشرق الأوسط، كامبل ماكديارميد، بعنوان، "مع تهاوي الاقتصاد في لبنان، حتى الأثرياء، لن يكونوا آمنين".
يستهل كامبل تقريره بشرح زياراته المستمرة للحانة الواقعة في المجمع السكني الذي يعيش فيه في بيروت، والمشروب الذي يحب تناوله موضحا أن النادل يؤكد له أنه لن يتمكن من إعداد المشروب الذي يكلف نحو 27 دولارا أمريكيا خلال الفترة القادمة.
ويضيف أن سعر الليرة اللبنانية يتراجع بشدة وهو ما يؤثر على على أسواق البضائع في البلاد، التي تستورد ما يزيد عن 80 بالمائة من احتياجاتها من الأسواق العالمية، بالإضافة إلى الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي.
ويصف كامبل، حديثه مع النادل على ضوء الهاتف المحمول بعد انقطاع التيار الكهربائي وكيف أكد له النادل أنه سيضطر لغلق الحانة قريبا بسبب المشاكل الاقتصادية، والارتفاع المتواصل للأسعار.