من هو اللواء عبد الحميد شرارة وتاريخه

admin

ادارة المـنـتـدى
طاقم الإدارة
إنضم
17 أغسطس 2024
المشاركات
134
مستوى التفاعل
12
النقاط
18
العمر
34
الإقامة
EGYPT

مزاجك اليوم

اللواء عبد الحميد شرارة

117379247_1228974324119976_6817363710786518902_n.jpg




اللواء عبد الحميد شرارة

هذه المذكرات هي تجميع بوستات البطل علي الفيس بوك بإذن خاص من سيادتة ، لذلك نلتمس منكم العذر لو ظهر اي تكرار لبعض الجمل الافتتاحية أو عدم ترتيب الاحداث بشكل دقيق ، وقد فضلنا نشر الذكريات كما هي بدون تعديل او تدخل منا – للمصداقية والامانة في النقل ...


عقب تخرجى من الكلية الحربية ضمن الدفعة 49 حربية فى اغسطس ١٩٦٦ وتوزيعنا على الوحدات المقاتلة وزعت على الكتيبة 342 المشاة وكانت ضمن احد الالوية المشاة الحديثة العودة من اليمن ( اللواء ١١٤ المشاة)...

وكان قائد كتيبتنا المقدم اح محمد عاطف عبد الغفار من مؤسسى قوات المظلات ومن رعيلها الاول ، ركز بشدة على تدريبنا مركزا على التكتيكات الصغرى والرماية و اختارنى لحضور فرقة الطبوغرافيا الراقية للضباط وكانت الدراسة بها مركزة وتتضمن فى نهايتها تنفيذ طوابير للملاحة البرية فى سيناء الشمالية لمدة أسبوعين و حصلت على تقدير امتياز...

بعد رجوعى للكتيبة وكانت تتمركز فى منطقة الهايكستب شرق القاهرة...

كان اسلوب التدريب يعتمد على المعسكرات الخارجية فكان يتم دفع سرية مشاة كاملة بدعمها الكامل من رشاشات ومدافع مضادة للدبابات و سرية الهاون 82مم الى منطقة بعيدة عن معسكر الكتيبة ( مدينة العاشر من رمضان حاليا) جنوب طريق القاهرة / السويس لمدة شهر يتم خلالة التدريب من مستوى الفرد والجماعة و الفصيلة والسرية وينتهى بمشروع تكتيكى بجنود لمستوى سرية وتم فعلا دفع سرية الى المعسكر الخارج..

بصفتى ضابط استطلاع الكتيبة كنت بمعسكر الكتيبة فى الهايكستب...

فى احد الايام طلب منى قائد الكتيبة ان اركب معة عربتة الجيب للمرور على معسكر التدريب الخارجى و ذهبنا وقام بالمرور على التدريب و أعطى بعض المكافآت للمتميزين و خلال المرور توقف بعربتة الجيب فوق احد التلال وطلب منى ان انظر إلى الارض وان احفظ معلمها جيدا لان هذة المنطقة هى التى سيجرى فيها مشروع السرية فور انتهاء المعسكر التدريب لها.. وقال ملازم شرارة ليس لدينا اى خرائط لهذة المنطقة و الخرائط المتوفرة لدينا من ايام الجيش الانجليزى وليس بها تفاصيل للارض يعتمد عليها

(تذكروا كان ذلك فى عام 1966)

حضرة الضابط مطلوب منك أن ترسم كروكى دقيق لهذة المنطقة من هذة التبة الى هذة وهذة وهذة وهى تشكل مستطيل ثم اخذنى الى معسكر مبيت السرية وانزلنى وانصرف الى القاهرة...

أسقط فى يدى فانا لم اعمل حسابى على المبيت و لم احضر معى أدوات الرسم الخاصة بى وليس معى حتى فوطة وجة او ملابس اخرى...

عطف على قائد السرية النقيب همام تمام وامر بتجهيز خيمة كى انام بها وسرير وترابيزة لاستخدمها للرسم و اتصلت لاسلكيا بالكتيبة كى يقوم الجندى المراسلة بإحضار حاجياتى مع عربة التعين التى تاتى السرية كل يوم ومعها طعام الغذاء ( طعام الغذاء و العشاء وافطار اليوم التالى) والماء واى مراسلات للسرية ...

وضعت لنفسى خطة عمل فكنت يوميا بعد الفجر بقليل اتحرك سيرا على الاقدام الى احد هذة التباب ومعى نوتتى وبوصلة ونظارة ميدان و زمزمية المياة و سندوتشات وخنجرى المفضل فالانسان لا يأمن فى الصحراء واجلس اعلى التبة و من هناك احدد جميع المعالم الرئيسية من تباب ووديان وأهداف شهيرة واضحة و بالبوصلة ارصد زواياها بدقة وسجلها فى نوتتى...

ثم اتحرك الى تبة اخرى و اعد الخطوات لاحدد بعدها عن التبة التى كنت عليها واجلس واكرر ما فعلة فى التبة الاولى احدد الاهداف وارصد زواياها ووصفها واسجلة فى نوتتى...

مجهود مضنى جدا خاصة عندما تعلم أن مساحة هذا المستطيل على الارض 44 كم مربع ( 4 كم عرض فى 11كم طول)

ثم ادخل الى الاهداف داخل المنطقة واخذ رصدات بالبوصلة لجميع الاهداف داخلها بحيث ارصد على الاقل كل هدف بثلاثة رصدات بالبوصلة على الاقل من اتجاهات مختلفة..

واعود للمعسكر السرية الى خيمتى فى غاية الارهاق لابدا فى رسم كروكى بالمسافات بالخطوات و اترجمها الى أمتار...

استمر هذا الروتين اليومى قرابة الاسبوع اخرج بعد الفجر بقليل واعود قبل المغرب بقليل قبل ان يختفى ضوء النهار.. احترق جلدى وانشوى من البقاء فى الشمس طول النهار وخسيت قرابة ال5كجم من تناول القليل من الطعام....

وفى احد الايام حضر قائد الكتيبة وطلب رؤية الكروكى الذى امرنى بإعدادة ولم اكن قد انهيتة بعد ولا أنسى ذلك اليوم ما حييت فقد دخلت خيمة قائد الكتيبة واديت التحية العسكرية كان معة قائد ثان الكتيبة مقدم لا اتذكر اسمة و لما عرف قائد الكتيبة اننى لم انهى الكروكى بعد ثار واهتاج و قال لى انت( قشرة انت غلاف) وكانت اول مرة اسمع مثل هذا السباب ( لا تتحمل المسؤلية ولا يعتمد عليك ) اتفضل انصراف يا حضرة الضابط و غدا تسلم لى الكروكى منتهى وكامل...

شعرت بالإهانة والحرج و تمنيت أن تنشق الارض وتبتلعنى وخرجت الى خيمتى اجر اذيال الخيبة...

وبدات على الفور فى استكمال رسم الكروكى على فرخ ورق كبير ( حوالى 2 متر طول فى متر عرض) مستخدما كل خبرتى و يتلخص اسلوب التنفيذ فى اننى ارسم على احد الاجناب التبة الأولى ( تبة الاساس) و منها باقلام الرصاص الخفيف ارسم زوايا جميع الاهداف التى رصدتها داخل مستطيل المنطقة ثم أحول المسافة التى بالخطوة الى أمتار ( الخطوة = 90 سم تقريبا) وحولها الى أمتار و بالبرجل و المسطرة ارسم قوس على خط شعاع الرصد بالمسافة و عند اكتمال التوقيع تتقابل ثلاث خطوط رصد فى منطقة الهدف ومن وصف شكل الهدف ارسم الكنتورات و الوديات و المعالم...

تخيلوا 44كم مربع بما فيها من معالم أرضية...

خلال قيامى بالرسم حضر قائد ثانى الكتيبة وذهل من حجم العمل فقد كان يظن انة بسيط و شاهد حزنى وقال لى لا تحزن وانت للعلم مخطىء تماما من البداية...

تعجبت وسالتة كيف يا فندم ... قال عندما كلفك قائد الكتيبة باعداد هذا العمل أو يكلفك باى عمل مماثل يجب تجرى تقدير موقف وحساب وقت سريع و أن تفهمة(يقصد قائد الكتيبة) بان هذا العمل صعب ويحتاج تنفيذ الى 10ايام و عربة جيب واحتاج أدوات رسم كذا وكذا بتكلفة حوالى كذا بذلك تلقى الكرة فى ملعبة فان أنهيت العمل فى اسبوع تقول لة اننى ركزت على حساب وقت راحتى لاحساسى بأهمية هذا الموضوع رغم نقص المطالب التى لم تتوفر....

وهكذا تعلمت اول درس من خبرة لا انساها فعند استلامى لاى مهمة يجب أن اقدر الموقف بسرعة و احدد الوقت والمطالب...

سهرت طول الليل اعمل بجد على ضوء كلوب وفوانيس حتى أنهيت الكروكى وكان فعلا مفخرة وخاصة اننى اعددت فى منتصف اسفل الكروكى مقياس للرسم بالمتر و على الجانب اليسار سهم يوضح اتجاة الشمال المغناطيسى...

وعندما حضر قائد الكتيبة فى اليوم التالى وعرضت علية الكروكى انبهر وصافحنى و قال انة فعلا عمل عظيم لك ان تفتخر بة وكان هذا اول درس لى فى الحياة العسكرية نفعنى طوال خدمتى...



119173997_358855695290423_1635657648279541481_n.jpg




كانت لنتيجة هذة اللقطة مع قائد الكتيبة ان كلفنى بقيادة فصيلة مشاة و دخول مسابقة احسن فصيلة مشاة فى الفرقة الثالثة المشاة ممثلا للواء 114 المشاة والتى كان يشرف عليها شخصيا اللواء عبد الحليم عبد العال قائد الفرقة... والتى كانت اللقطة التى تسببت فى ان يختارنى العميد اح سعيد إبراهيم سعيد قائد اللواء عندما قرر دفع داورية استطلاع مقاتلة فى يوم 6 يونيو 1967 من موقع اللواء جنوب جبل لبنى الى منطقة الكوبرى المنسوف فى ابو عجيلة

ان مسيرة اى ضابط تعتمد على اللقطات المضيئة فى بداية حياتة العسكرية...

هناك العديد من المواقف التى تعرضت لها نتيجة حصولى على فرقة الطبوغرافيا

ففى النصف الثانى من عام 1966 تحركت كتيبتى من معسكرها فى الهايكستب الى معسكر التدريب الخارجى بالصحراء جنوب شرق مكان مدينتى و الرحاب حاليا

للتدريب المركز على التكتيكات الصغرى من فرد حتى مستوى السرية.. لمدة شهر تقريبا وكنت مسؤلا عن تدريب رياسة الكتيبة وفى احد الايام طلب منى قائد الكتيبة المقدم ا ح محمد عاطف عبد الغفار ان اخطط لتنفيذ طابور سير ليلى للتدريب على الملاحة ليلا لا تقل مسافتة عن 20كم..

اخذت معى البوصلة و نظارة الميدان و البلانشيطة و النوتة و أدوات الرسم و اخذت معى جنديين نبهاء من جنود جماعة الاستطلاع واخذنا معنا ذوى حديد 6 قدم لتحديد اماكن نقط التحرك...

كان المخطط ان اقسم الكتيبة الى خمس مجموعات 3 سرايا مشاة و مجموعة للاسلحة المعاونة الهاون و المدافع المضادة للدبابات و المجموعة الأخيرة رياسة الكتيبة و الشؤن الادارية و الإشارة..

ووضعت فى التخطيط كل خبرتى التى اكتسبتها فى الطبوغرافيا..

نبدأ التحرك من نقطة بداية معلومة للجميع ثم مع كل مجموعة ظرف فية ورقة عليها مخطط سير المجموعة بالزوايا بحيث تختلف كل مجموعة عن الاخرى فى خط سيرها و تمر بخمسة نقط معلمة و مرصودة و فى النهاية تلتقى كل المجموعات بنقطة النهاية بالقرب من المعسكر...

كانت المسافة تزيد عن ال20كم بقليل...

وتاخذها القوات سيرا على الاقدام فى حوالى 4 الى 5 ساعات بالاضافة الى 10 دقائق راحة بعد كل مرحلة..

مشيت على قدمى على مسار كل مجموعة تحرك نهارا لاتاكد من الأرض و ظهور النقط الاشارية حتى لا تضل اى مجموعة طريقها ليلا. ...

مجهود صعب كما ترون كل يوم السير 20كم على قدمى لمدة 5ايام متتالية...

كان قائد الكتيبة راضى تماما عن مخطط الطابور...

وجاء يوم تنفيذ الطابور و قبل اخر ضوء بساعة و قفت الكتيبة مصطفة بالمجموعات و قام قائد الكتيبة بتقديم كلمة معنوية عن اهمية التحرك التكتيكى للقوات ليلا وبصمت وسكون حتى يتم مفاجئة العدو ليلا.. وقام بالتفتيش على المجموعات وأمر بالتحرك ووقف على تبة عالية يراقب خروج القوات من المعسكر مرورا بنقطة البداية. بفاصل 10 دقائق بين كل مجموعة واخرى وبخروج كل مجموعة من نقطة البداية كانت تتخذ لنفسها اتجاة سير طبقا للمظروف المسلم..

تحركت مع مجموعة رياسة الكتيبة و مرت 5 ساعات من السير فى الظلام فى صمت ترقبا بان يمر قائد الكتيبة او رئيس العمليات ووصلت الى نقطة النهاية فى غاية الارهاق قبل الفجر بساعتين..

دخلت المعسكر وجدت ان الجميع نائم وبعمق عدا الخدمات طبعا ألقيت نفسى بهدومى على السرير السفرى ونمت من الارهاق..

فى الصباح اكتشفت مفاجأة كبيرة..

اتارى الضباط ( الاندال ) تحركوا لمسافة كم واحد وتوقفوا ورقدوا فى هدوء مستغلين ظلام الليل و معهم اتصال لاسلكى بمعسكر الكتيبة واول ما علموا ان قائد الكتيبة قد ركب عربتة الجيب و تحرك فى اتجاة القاهرة عادوا جميعا للمعسكر و اتعشوا وناموا وانا كنت المجموعة الوحيدة التى نفذت المشروع لمسافة 20كم ليلا. بكامل الشدة القتالية و السلاح.... .

وكلما تذكرت هذا الموقف أتعجب من ندالة الضباط زملائي وسذاجتى

... .

كانت مجموعة رئاسة الكتيبة هى اخر مجموعة تغادر المعسكر

ذكريات حدثت قبل حرب عام ١٩٦٧ فقد تحركت كتيبتى المشاة ( الكتيبة ٣٤٢ المشاة / اللواء ١١٤ المشاة) من الهايكستب شرق القاهرة الى سيناء يوم ١٥ مايو ١٩٦٧ وتنقلنا فى عدة مناطق حتى استقرينا جنوب جبل لبنى حوالى يوم ٢٨ مايو ١٩٦٧ وخلال هذة المدة وفى كل مكان نذهب الية كمنطقة انتشار نقوم بالحفر لإخفاء المركبات و تأمين الافراد و كانت المياة تكفى بالكاد للشرب و الوضوء..
و اعتبارا من يوم ٣٠ مايو ١٩٦٧ قام رئيس عمليات الكتيبة الرائد رمسيس رياض غبور بتقسيم الضباط الى ٧ مجموعات تضم كل مجموعة من ٤ الى ٥ ضباط و خصص لكل مجموعة يوم فى الاسبوع تمر علينا فى المواقع عربة غالبا لورى ١،٥ طن ( جاز ٦٣).. وتحت إشراف اقدم واحد فى المجموعة تتحرك الى وحدة مهندسين عسكريين فى منطقة الحسنة على مسافة حوالى ثلاث ارباع الساعة تحرك.. حيث يتم تسليم كل واحد من الضباط صابونة من نوع خاص مخصصة للاستحمام بالماء العسر من الابار ولا يصلح للشرب و كنا ناخذ معنا افارول جديد نظيف وملابس داخلية وفوطة وعدة حلاقة الذقن وزجاجة كولونيا ثلاثة خمسات...
و هناك ندخل المكان المخصص للاستحمام وهو مبنى من الطوب والأسمنت وارضيتة بلاط ولكن سقفة الواح من الصاج المعرج..
قبل الاستحمام يتولى حلاق ميرى ( جندى حلاق) بحلاقة شعورنا وتهذيبها طبقا لما يريدة كل ضابط و انا شخصيا كنت افضل الحلقة الإنجليزى و هى صفر من الاجناب و ٣ من اعلى.( حلقة المارينز )


وندخل للاستحمام ونزيل التراب والعرق وننظف انفسنا وننتعش ونرتدى الملابس النظيفة وناخذ معنا الملابس و الغيارات المتسخة لغسلها فى الوحدة...
ثم نركب داخل صندوق العربة اللوارى و تسير بنا للعودة مرة أخرى الى مواقعنا و حتى نصل اليها نكون قد علانا الغبار من قمة رؤسنا حتى داخل انوفنا واذاننا و ملابسنا...
هكذا كنا نستحم كضباط...
ولكن كنا خلال الأسبوع نستحم بتوفير نصف جيركن من المخصص لنا من الماء ونستحم داخل دورة المياة الميدانية التى كانت عبارة عن ( تذلك ) من قماش الخيام ملتف حول حفرة عليها قاعدة خشبية بمنتصفها فتحة للتبرز وكانت فى العراء تحت اتجاة الريح وكانت رائحة البراز تزكم الانوف و الذباب فى كل مكان..
على فكرة خلال حرب الاستنزاف و فى نهاية عام ١٩٦٩ / وبداية عام ١٩٧٠ نقلت كتيبتى للدفاع عن طريق قفط / القصير ( 20كم شرق قفط التى تبعد عن قنا حوالى 30 كم جنوبا) كانت الإجازات كل 54 يوم اجازة 9 ايام منها ايام السفر ذهاب وعودة ٣ ايام..
ايضا رئيس عمليات الكتيبة قسم الضباط الى مجموعات إجازات و بعد حوالى 25 يوم خدمة تأخذنا سيارة (غالبا يونيماج) الى مدينة الاقصر حيث استاجرت الكتيبة شقة صغيرة لنستحم و نحلق شعرنا وننام على اسرة نظيفة بعيدا عن جو الصحراء القاسى جدا و وننام فيها وبعد الافطار صباحا نعود مرة ثانية الى موقعنا لنمضى باقى المدة حتى ميعاد الاجازة... ايام صعبة بلا شك...
لاوضح لكم مدى صعوبة الحياة فى صحراء قفط فى الصيف كان سائق العربة اللوارى ( الجاز 63) التى استخدمها للمبيت قبل ان نحفر للخيمة تحت الارض ياتى بطبق من الصاج المطلى بالمينا وقت الظهيرة ويضعة على كبود اللورى ويمسحة من الداخل ببعض زيت الطعام و يفقش فية بيضتان عيون ويضع عليهم القليل من الملح وخلال دقائق يكون البيض قد تم طهية ياخذة ويغمسة وياكل.. فالحرارة كانت عالية جدا....

اما الجنود وضباط الصف عندما كنا فى سيناء قبل حرب يونيو ١٩٦٧ فكانت تاتى الى الكتيبة وحدة حموم ميدانية ( نظام كان معمولا بة فى الاتحاد السوفيتى السابق خلال الحرب العالمية الثانية و يستخدم نظام متطور مشابة بة الان مع وحدات الحرب الكيماوية لتطهير الافراد من التلوث الكيماوى و الإشعاعى ) وهى عبارة عن عدة عربات لوارى فنطاس مياة وعربات اخرى لوارى تحمل مكونات الوحدة و كانت تفتح فى مكان متوسط فى العراء بالسرية و كانت عبارة عن ثلاثة ارضيات خشبية بينها فواصل تسع كل طبلية منهم وقوف ١٠ جنود بفاصل حوالى متر بين الجندى والآخر و تنصب مواسير تشبة عوارض جول كرة القدم وفى المواسير التى تمثل العارضة العلوية يوجد ادشاش الاستحمام ١٠ ادشاش فى كل صف بفاصل متر بين الدش والآخر...
وفى اليوم المخصص للاستحمام الفصيلة تاتى الفصيلة معتادا مارش تحت قيادة رقيب الفصيلة وتقف على مسافة ٥٠ متر من تجهيزات الادشاش ويعطى تمام لقائد وحدة الحموم الميدانية الذى يشرح للجنود كيفية العمل وأسلوب الاستحمام..
على جميع الجنود خلع جميع ملابسهم المتسخة و الوقوف عرايا كما والدتهم أمهاتهم ويضعوا فى كوم امام كل جندى اوفارول وملابس داخلية نظيفة من مهماتة و يضع فوطة ميرى ايضا من مهماتة على كتفة...
وينادى قائد الوحدة معتادا مارش ويقف كل جندى تحت الدش المخصص لة ويضع الفوطة معلقة فى الماسورة بجوار الدش...
يصدر قائد وحدة الحموم بان المياة سيتم فتحها لمدة ٣ دقائق ومع كل جندى صابونة او بالادق جزئ من صابونة ليقوم بسرعة بتصبين شعر راسة وتحت ابطية و العانة وباقى جسمة بسرعة ثم تقفل المياة لمدة ٣ دقائق ليستكمل تغرية الصابون ودعك جلدة...
ثم ينادى قائد الوحدة بان المياة سيتم فتحها لمدة ٥ " دقائق لإنزال الصابون والتشطيف لكامل الجسم.
وبتوقف نزول المياة يبدأ كل جندى فى تنشيف جسمة بالفوطة التى علقها فوق الماسورة لمدة ٣ دقائق ..
ثم ينادى رقيب الفصيلة لليسار در معتادا مارش ويقود الطابور الى مكان الاؤفارولات و الغيارات ويامر الجنود بلبسها وحمل الملابس المتسخة ثم يقودهم الى موقع الفصيلة...
وتاتى فصيلة مشاة اخرى وهكذا حتى يتم استحمام جميع جنود السرية ويسجل ذلك فى نوت الفصيلة امام اسم كل جندى..

تخيلوا كان من المخطط ان يتم استحمام جنود فصيلتى يوم الاثنين ٥ يونيو 1967 واحمد اللة انة لم يحدث والا كانت طائرات العدو طاردتنا و الجنود عرايا...
ذلك طبعا فى ظروف الحرب وفى الميدان اما الان فقد تطورت الشؤن الادارية للفرد المقاتل كثيرا جدا عن زمان واصبح الفرد يعامل كإنسان متحضر فى كل ما يخصة من ماكل ومشرب و نظافة ونوم واجازات ... الخ
مستحيل طبعا ان انسى هذة المواقف

======================

كنت برتبة الملازم وتخرجت من الكلية الحربية ضمن الدفعة 49 حربية يوم 15 اغسطس 1966 و خدمنا فى الهاكستب ضمن اللواء 114 المشاة العائد من اليمن تحركت مع وحدتى ( الكتيبة 342 المشاة / اللواء ١١٤ المشاة) يوم 15 مايو 1967 الى سيناء جنوب جبل لبنى وكلفت بالدفاع عن تبة حاكمة جنوب الطريق الاوسط المؤدى من الشط الى العوجة شرقا وقمت بتجهيزها هندسيا كما الكتاب ...

خلال بداية شهر يونيو 1967 حضرت مؤتمر عام مع نسبة من ضباط وصف وجنود الكتيبة و اللواء و الفرقة بمنطقة الحسنة حضرة كبار قيادات القوات المسلحة و كالعادة كان الجلوس بالاقدمية فجلس كبار القادة من اللواءآت والعمداء فى الامام وخلفهم العقداء و المقدمين وخلفهم الرواد والنقباء وفى المؤخرة الضباط من رتبة الملازم اول والملازم وخلفنا ضباط الصف والجنود...

قبل ان يبدأ اللقاء مع الشخصية الهامة التى تزورنا حضر الينا قائد برتبة اللواء ( اول مرة اشوفة فى حياتى العسكرية القصيرة وقتها ) و بعنجهية وثبات وقف امامنا ممسكا عصى القيادة و نحن الضباط من رتبة الملازم اول والملازم وكان متجهم عابس الوجة كعادة القادة فى ذلك الوقت ونظر الينا شذرا وبحتقار وقال بصوت عالى يقدم لنا نفسة فقال(طبعا الضباط الأقدم يعرفوننى جيدا و بالقطع الضباط من رتبة الملازم اول والملازم لا يعرفوننى..... ( سكت لدقيقة يبحلق فينا بقرف ثم قال بعجرفة )

انا اللواء عثمان نصار بتاع اليمن قائد الفرقة الثالثة المشاة...

ثم انصرف الى مكانة فى الصفوف الاولى.

كانت أول مرة فى حياتى اراة ولم اكن قد سمعت عنة من قبل ولم اسمع عنة بعد ذلك..

ضربت اخماسا فى اسداسا وسألت زملائى عنة فاجمعوا انها اول مرة يرونة فظننت انة من القادة الابطال العظماء مثل ما كنا نقرأ عن روميل و مونتجومرى مثلا وان لة بطولات خارقة فى اليمن..

بعد اللقاء انصرافنا الى وحدتنا ثم دارت عجلة الحرب يوم 5 يونيو 1967 كما قصصت عليكم فى عدة مقالات سابقة..

وتم دفع فصيلتى يوم 6 يونيو للعمل داورية استطلاع مقاتلة فى اتجاة ابو عجيلة و الكوبرى المنسوف على الطريق الاوسط لتجميع اى معلومات عن العدو المهاجم بعد ان تم قطع جميع وسائل الاتصال بين قائد اللواء والجوار فى الامام وفى الخلف والأجانب وقيادة الفرقة فى الحسنة و حتى قيادة الجيش الميدانى بقيادة اللواء اح عبد المحسن مرتجى

لاستخدام العدو بكثافة الشوشرة و الإعاقة على جميع الاجهزة اللاسلكية و الترددات و أعمال التخريب خلف الخطوط بقطع كابلات الإشارة ونسف عدد من اعمدة الأسلاك التليفون ية..

واصبت بطلقة رشاش اسرائيلى بعد اشتباكى مع العدو اخترقت فخذى الشمال وتمكنت من العودة إلى قيادة اللواء جنوب جبل لبنى بأقصى بسرعة وابلغت قائد اللواء العميد سعيد ابراهيم سعيد بالموقف..

استمر العدو فى الاختراق قادما من الشرق على الطريق الاوسط واشتبكت معة كتائب النسق الاول للواء ( الكتائب 340 و 341 المشاة ) جنوب جبل لبنى فالتف شمال جبل لبنى واصطدم بعناصر اللواء 14 المدرع بقيادة العميد اح عبد المنعم واصل ( قائد الجيش الثالث الميدانى خلال حرب اكتوبر ١٩٧٣) وأحدث بة اللواء 14 المدرع خسائر 47 دبابة سنتوريون ( طبقا لكتابات قادة العدو فى مذكراتهم) ثم ارتد غربا بصدور امر الانسحاب..

استغل العدو الليل و نفذ التفاف بقواتة المدرعة من شمال جبل لبنى حتى وصل خلف لوائنا ليلا.

بصدور امر الانسحاب الى قائد اللواء العميد سعيد ابراهيم سعيد قام بدفع كتائب النسق الاول و بقايا كتائب المدفعية والدبابات والدفاع الجوى و العناصر الادارية ومراكز القيادة تحت قيادة رئيس اركان اللواء العقيد نعمان من اتجاة الجنوب الغربى للوصول إلى قناة السويس تحت ستر السرية التاسعة المشاة ( سريتى) وبقى قائد اللواء الشجاع معنا وأسر فى اليوم التالى بعد اصابتة.

فجر يوم 7 يونيو 1967 هاجمت قوة اللواء المدرع الإسرائيلى سريتى المشاة المكلفة بستر انسحاب اللواء....

ابلينا بلاء حسنا فى الدفاع طبقا لامكانياتنا المتواضعة جدا و تمكن مدفع 100 مم من القوات المنسحبة من الامام انضم الينا من تدمير دبابة سنتوريون معادية ليلا عند اقترابها من موقعنا و ايضا تمكن مدفع هاوتزر 122 ام 30 ايضا من القوات المنسحبة من الامام وفضل البقاء معنا من تدمير دبابة اخرى شمال فصيلتى بان ضرب عليها دانة شديدة الانفجار من مسافة 50 متر فطار البرج وقتل كل من فيها..

ثم قبل اخر ضوء يوم 7 يونيو انسحبت بباقى فصيلتى ومعى بقايا فصيلة الملازم سامى البتانونى ( حوالى 4 جنود والباقى استشهد) التى كانت جنوب فصيلتى الى جبل لبنى وهناك قابلت النقيب احمد ممدوح طة قائد فصيلة إشارة الكتيبة و تولى القيادة و بدأنا الانسحاب ليلا سيرا على الاقدام حتى بور فؤاد ومنها إلى بور سعيد وقد كتبت ذلك تفصيلها فى عدة مقالات اخرى..

قصدت من هذة المقدمة الطويلة ان أوضح اننا قاتلنا بشرف وانضم الينا ضباط مدفعية شجعان من الكتائب التى كانت فى فرق النسق الاول الجبهة على الحدود الدولية

واحدثنا خسائر فى العدو رغم إمكانياتنا المتواضعة كمشاة مترجل.

نعود الى قائد الفرقة الثالثة المشاة و اسلوبة المسرحى فى تعريفنا بنفسة..

نشر فى جريدة الاهرام العدد الصادر يوم 11 فبراير عام 1968 ملخص محاكمة اللواء عثمان نصار قائد الفرقة الثالثة المشاة ( سابقا) فقد تم احالتة الى التقاعد و تولى قيادة الفرقة اللواء اح صليب بشارة و نشر فى جريدة الاهرام ملخص المحاكمة و لم يتم محاكمتة بمحكمة عسكرية ميدانية ( كانت حتما ستحكم علية بالاعدام رميا بالرصاص للهروب من الميدان وهو القائد) و اكتفى بمحاكمتة بمحكمة شكلت برئاسة اللواء اح امين هويدى ( وزير الدفاع ثم مدير المخابرات العامة فيما بعد) وراعت المحكمة انة تولى قيادة الفرقة يوم 25 مايو 1967 قبل هجوم العدو ب 10 ايام و حوكم على ثلاثة اتهامات..

الاتهام الاول..

عن الفترة من الساعة الخامسة مساء يوم 6 يونيو 1967 الى الساعة العاشرة يوم 6 يونيو

فقد فشل فى القيام بضربة مضادة قوية ضد قوات العدو رغم وجودة قوة لدية تقدر ب 70 دبابة و 2 كتيبة مشاة واسلحة الدعم ( هكذا قرار الاتهام؟؟؟؟.

وفى تقديرى الشخصى انة كان سيتم القضاء على اى دبابات مصرية لتفوق العدو الساحق فى الدبابات فقد كان امامنا اكثر من 400 دبابة معادية حديثة و مقارنة القوات لن تكون فى جانبنا.. بالاضافة الى السيطرة الكاملة لقوات العدو الجوية على سماء سيناء بالكامل ومصر ايضا بعد تدمير قواتنا الجوية على الارض فى بداية الهجوم المعادى ...

الاتهام الثانى...

فقد الح بعد ظهر يوم 6 يونيو 1967 على قائد الجيش الميدانى الفريق عبد المحسن مرتجى ان يوافق على انسحاب قواتة الى الخلف ولم يوافق الفريق مرتجى على ذلك..

ثم عاد وطلب التصديق على نقل قيادة الفرقة الثالثة المشاة الى جنوب الحسنة رغم ان الموقف الفعلى على الارض لم يبرر ذلك. (هكذا قرار الاتهام؟؟؟؟ ) .

وفى تقديرى ان الجزء الثانى من الاتهام ان للقائد الحق فى نقل مركز القيادة ( المتقدم)

الى مكان اكثر تأمينا وللسيطرة على المعركة بصورة افضل فقد كان المركز القديم فى اتجاة مناورة مدرعات العدو..

الاتهام الثالث...

من الساعة السابعة مساء يوم 6 يونيو 1967 الى الساعة الخامسة بعد ظهر يوم 7 يونيو 1967.

وقد تغيب عن مركز قيادتة و أخبر رئيس اركان الفرقة بان قائد الجيش الميدانى يطلبة فى مؤتمر وهو عكس الحقيقة و تحرك بدون اوامر من قائد الجيش الميدانى رغم تكليفة بمهام هامة من قائد الجيش الذى طلب منة العودة فورا الى قيادتة ولم ينفذ وتواجد بمدينة الاسماعيلية صباح يوم 7 يونيو 1967 و بمدينة القاهرة عصر نفس اليوم... ( هكذا قرار الاتهام؟؟؟؟؟)..

وفى تقديرى ان هذة هى التهمة الأساسية كذب على قيادتة وعلى قائد الجيش الميدانى وفر من الميدان وترك جنودة و موقعة...

ولم تذكر جريدة الاهرام الحكم الذى حكمت بة المحكمة..

حاولت أن أعرف ماذا تم بعد ذلك ولم أجد اى مرجع رسمى...

وان كنت سمعت انة حكم علية بالسجن ولا أعلم المدة..

وما اكتبة الانليس سرا عسكريا فهو منشور ايضا علي جوجل بالاضافة الى جريدة الاهرام الصادرة يوم 11 فبراير 1968..

داورية الاستطلاع المقاتلة من ذكريات حرب ١٩٦٧



حدثت احداث هذة القصة يوم ٦ يونيو ١٩٦٧...

كنت ملازم قائد فصيلة مشاة احتل نقطة قوية جنوب جبل لبنى و تسيطر على الطريق الاوسط جنوب الطريق..

سبق ان كتبت عن احداث يوم ٥ يونيو فمن نقطة ملاحظتى ليلة ٦/٥ يونيو ٦٧ كنت انظر شرقا نحو الافق فى اتجاة قواتنا فى الامام واجد اضواء انفجارات كثيرة بعيدة ولا اسمع صوتها ومضى الليل كئيبا و فى اول ضوء ناديت لتحتل الفصيلة اوضاعها الدفاعية تحسبا لاى جديد و كنت الاحظ انسحاب عربات محملة بجنود ومنهم جرحى تسير فى اتجاة الغرب كنا نساعدهم بامدادهم ببعض المياة رغم احتياجنا اليها..

قرابة الساعة ٨٠٠ ٠ صباحا اتصل بى عن طريق التليفون الميدانى قائد الكتيبة المقدم اح محمد عاطف عبد الغفار و اخبرنى بان قائد اللواء العميد اح سعيد ابراهيم سعيد يريدنى ان اذهب الية فى مركز قيادة اللواء فورا و كان مركز القيادة قد تم نقلة من منطقة بالقرب من فصيلتى الى مكان اخر تبادلى عقب تعرضة لغارة جوية بطائرة( ميراج ٣) للعدو صباح يوم ٥ يونيو... وان عربة رئيس عمليات الكتيبة الرائد رمسيس رياض غبور الجيب فى طريقها لتوصيلى لقائد اللواء...

توجهت الى خيمة مكتب قائد اللواء وكانت بحفرة تحت الارض ومغطاة بشبكة تموية...

و دخلت واديت التحية العسكرية معرفا بنفسى كما تعودنا..

وجدت قائد اللواء و معة الرائد حمد رئيس استطلاع اللواء و الرائد احمد عبد الغفار من فرع عمليات اللواء..

تكلم قائد اللواء قائلا. حضرة الضابط شرارة لقد اخترتك لتنفيذ المهمة لثقتى الكاملة فيك وفى قدرتك على التصرف...

واشار الى خريطة كانت موضوعة على ترابيزة ٦ قدم وكانت الخريطة باللغة الانجليزية مقياس ١/١٠٠٠٠٠ ( 1سم على الخريطة = 1كم على الطبيعة) و قال مكاننا هنا جنوب جبل لبنى والطريق الاوسط و اشار و هذا الطريق الاوسط الذى يصل من الغرب الى العوجة شرقا و فى الامام بمنطقة الكوبرى المنسوف بالقرب من ابو عجيلة و يوجد هناك كتيبة صاعقة و قوات مصرية اخرى...

للاسف ليس لدينا اى معلومات عن موقف الجوار لا فى الامام ولا على الاجناب ولا لدينا اتصال بالمستوى الاعلى ولا نعرف اى معلومة عن العدو وما يحدث فى الامام... نحن معلوماتيا معزولين تماما...

لذلك قررت دفع داورية استطلاع مقاتلة من فصيلتك بقيادتك بمهمة التحرك على الطريق الاوسط شرقا حتى الكوبرى المنسوف بمنطقة العوجة و تذهب الى كتيبة الصاعقة و تعرف اى معلومات عن العدو وقواتنا فى الامام و تعود وتخبرنا فورا...

و استكمل الرائد حمد رئيس الاستطلاع الحديث وقال خصصنا لك ٢ عربة مدرعة وليد ٤ ☓٤..

مهمتك جمع المعلومات عن العدو و نوعية قواتة و اتجاة تحركة ولا تشتبك معة الا لدواعى انقاذ الحياة...

صافحنى قائد اللواء وربت على كتفى وقال باننا نثق فى امكانياتك وقدرتك على التصرف...

اديت التحية العسكرية وانصرفت و فعلا وجدت ٢ عربة مدرعة جديدة فى انتظارى مركب على كل منها رشاش متوسط ٧.٦٢ x ٥٤و معة ٤ علب شرائط ذخيرة جاهزة.( العلبة الواحدة بها شريط مذخر ب 250 طلقة) وعريف سائق يقود العربة المدرعة..

تاكدت من الصلاحية الفنية للعربات و كانت جديدة لا يتعدى عداد الكيلومترات عن ٤٠٠ كم..

ولم يكن بها اى اجهزة لاسلكية فذهبت الى خيمة رئيس اشارة اللواء وكان برتبة الرائد و اخبرتة بالمهمة واننى احتاج الى جهاز لمدى حوالى ٦٠ كم و اخبرنى انة لا يوجد لدية اى احتياط سوى جهاز لاسلكى واحد طراز R105 (يستخدم للربط بين السرية وفصائلها ) و مداة حوالى ٩كم بالهوائى( الايريال) الراسى ولكن لو مددنا الهوائى الافقى ووجهناة نحو قيادة اللواء يمكن ان يصل المدى الى ١٥ كم و لم يكن فى يدى سوى ان اخذ الجهاز رغم علمى ان المدى لا يكفى فانا ذاهب الى مسافة حوالى ٤٥الى ٦٠ كم ولن احقق الاتصال..



اخذت ورقة بالترددات اللاسلكية لقيادة اللواء و قيادات الكتائب و توجهت الى فصيلتى بالعربات المدرعة...

واتصلت بقائد الكتيبة وقائد السرية النقيب صلاح محمد حسين واخبرتهما بالمهمة وتمنيا لى التوفيق...

اخترت جماعتين مشاة كل جماعة تركب فى عربة مدرعة و الجماعة الثالثة تبقى فى النقطة القوية للدفاع و انتقيت رامى و مذخر لكل مدفع ماكينة..

ولقنت الجميع بالمهمة و اسلوب التحرك ملخصة اننا نتحرك نحو المجهول لذلك فاننى ساركب فى العربة الامامية و الرقيب شوقى الهادى شاويش الفصيلة فى العربة الخلفية و نتحرك بالوثبات بفاصل 100 متر بحيث انطلق الى تبة حاكمة واقف واراقب ثم انطلق وهكذا...

و توكلنا على اللة وتحركنا...

كانت الارض امامنا رملية شبة مفتوحة تنخفض بميل خفيف فى اتجاة الشرق ثم تبدا فى الارتفاع حتى خط السماء... حيث لا نرى ما خلفة...

اثناء تحركنا شرقا كانت بعض العربات المنسحبة تمر بنا فى طريقها غربا وكانوا يلوحون لنا بايديهم متمنين لنا السلامة فغالبا ظنوا اننا مقدمة لقوة تقوم بضربة مضادة للعدو فى الامام...

بعد تحركنا بقرابة ٢٠ كم وجدت عربة لورى نصر بها ضابط يجلس اعلى كابينة السائق كان دفعتى (د ٤٩) الا انة تخرج مع الدفعة ٥٠ التى تخرجت يوم ٣١ مايو ١٩٦٧ ( الملازم ايهاب صالح اشرت الية بالتوقف لاسألة عن الموقف فى الشرق فقال لى كلمة واحدة (جهنم) وعلمت منة انة من كتيبة الصاعقة التى من المخطط ان اتوجة اليها بمنطقة الكوبرى المنسوف بالعوجة وان كتيبتة قد انسحبت ولا يدرى عنها اى شىء، وان العدو المهاجم مدرع ودباباتة كبيرة وكثيرة وغالبا سينتوريون البريطانية ذات المدفع ١٠٥ مم...

و تمنى لى النصر والسلامة واستمر فى الانسحاب غربا...

توقفت خلف تبة حاكمة اقدر الموقف هل اعود الى قائد اللواء واخبرة بما شاهدت وغالبا ما سيسالنى هل شاهدت العدو بعينيك لذلك قررت استمرار التحرك شرقا مع زيادة السرعة و ان اجلس فوق الكابينة ممسكا بالرشاش المتوسط لحفظ توازنى حتى يمكننى ان ارى العدو من مسافة بعيدة...

بدات الارض فى الميل لاعلى وخط السماء لا يمكننى من المراقبة لما خلفة فقررت زيادة السرعة حتى اسرع بعبور خط السماء و فعلا عبرتة وكانت الارض شرقة تتدرج فى الميل منخفضة فى اتجاة الشرق وعلى مسافة قرابة ٤ او ٥ كم وجدت رتل من بعيد متوقف على الطريق ولم استطع ان اميز هل هو معادى او لقواتنا المنسحبة ولكن لفت نظرى بعد ان استخدمت النظارة المعظمة ان لون العربات والدبابات زيتونى فاستنتجت انة معادى وقبل ان اعطى الامر للسائق بالتوقف شاهدت ومضات كفلاشات الكاميرا تظهر من اتجاة القول المعادى و فجاة سمعت صفير دانات تعبر من فوقى وتسقط فى الخلف محدثة انفجارات شديدة كل ذلك حدث بسرعة وفجأة...



سائق العربة المدرعة لف عجلة الدلكسيون بأقوى قوتة ناحية اليمين ودخل فى الرمال يمين الطريق بسرعة تقارب ال١٠٠ كم/الساعة وتوقفت العربة...

انا كنت فوق الكابينة طرت بسرعة العربة وتدحرجت واقعا على الرمال و الجنود داخل العربة تخبطوا فى بعض من صدمة التوقف المفاجىء و فى نفس الوقت استمر العدو فى الضرب علينا بمدافع دباباتة من بعيد باسلوب الرمى نصف المكشوف لاننا ابعد من مدى الطلقة المباشرة وكان ذلك من حسن حظى و ارسل ( ٢ عربة نصف جنزير) تتحرك بسرعة مطلقة رشاشاتها بدفعات طويلة جدا لا تقل عن ٢٠/ ٢٥ طلقة فى الدفعة الواحدة...

صحت فى الجنود بسرعة النزول و دفع العربة للخروج من الغرز وامرت رامى الرشاش المتوسط المركب على العربة بالضرب هو الاخر على العدو فى الامام بدفعات طويلة مركزا على العربات المعادية فتوقفت واتخذت ساتر ولكنها استمرت فى الضرب علينا بدفعات رشاشاتها الطويلة ونظرت للغرب وجدت ان العربة المدرعة الخلفية التى بها رقيب الفصيلة شوقى الهادى تلتف على الطريق وتعود غربا عندما حدثت الانفجارات الا ان الرقيب شوقى الهادى عندما لم يجدنى اتحرك التف بسرعة و عاد مرة اخرى شرقا للمساعدة وربط الواير الصلب بمؤخرة عربتى وجرها الى الطريق كل ذلك يحدث و انفجارات دانات الدبابات تزداد اقترابا و العربات النصف جنزير تستمر فى الضرب بدفعات طويلة....

امرت الجنود بسرعة الركوب وانطلقنا غربا باقصى سرعة غيرنا مكان الرشاش المتوسط الجرينوف من فوق كابينة السيارتان الى مكان لة فوق الباب الخلفى للعربات المدرعة وبدا رماة الرشاشات يطلقون دفعات طويلة فى اتجاة عربتى العدو النصف جنزير التى تطاردنا فتوقفت خلف سواتر اتقاء لكثافة النيران وما ان بعدنا قرابة ٣كم وبدات تتحرك فى اتجاهنا مرة اخرى

وكنت احث السائق باعلى صوتى على الاسراع ورغم انة ينطلق بسرعة تقارب ال١٠٠ كم /الساعة الا اننى كنت اشعر انها تسير ببطىء حاول عامل جهاز اللاسلكى R105 النداء على قيادة اللواء طبقا للترادات التى معى لابلغهم بالموقف للاستعداد ولم يفلح وكان طبعا من المستحيل ان اقف لتركيب الهوائى الافقى لاتمكن من الاتصال...

و اسرعت اسابق الزمن الى الحد الامامى للنسق الاول للواء ووجدت عربة تلر كبيرة تستخدم لنقل الدبابات والبلدوزرات محملة بصناديق الغام مضادة للدبابات متوقفة و جنود المهندسين تفرغها فتوقفت وطلبت من الرقيب شوقى الهادى الانطلاق الى موقع الفصيلة داخل دفاعاتنا و تولى تنظيم الدفاعات لحين وصولى و حضر الى مسرعا الملازم اول مهندس احمد (للاسف لا اتذكر باقى اسمة) وكان من سرية المهندسين واعرفة جيدا صعيدى شهم اسمر وحتى لغتة صعيدى واخبرتة بان العدو خلفى بحوالى ١٥ / ٢٠ كم واول ما شاهد منظرى المغبر اسرع فامر جنودة بسرعة رص الالغام عشوائيا شرق السلك الذى يحدد الحد الغربى لحقل الالغام...

اسرعت الى قيادة اللواء و قفزت من العربة المدرعة وعدوا دخلت الخيمة و قابلت قائد اللواء واديت لة التحية و اخبرتة بان كتيبة الصاعقة المتمركزة عند الكوبرى المنسوف قد انسحبت وان لنا بعض قوات فى الامام مازلت متماسكة و ان القوة الرئيسية للعدو على مسافة حوالى ٣٠ كم من دفاعتنا وان داورية من ٢ عربة نصف جنزير على مسافة حوالى ٢٠/١٥ كم و ان الملازم اول احمد مهندسين بدا فى رص حقل الالغام المبعثر امام الحد الامامى لدفاعتنا و بسرعة وضحت لة ان العدو مدرع دبابات سينتوريون ١٠٥ مم جديدة...

وشكرنى وصافحنى واديت التحية وانصرفت الى فصيلتى وعلى الفور شرع قائد اللواء فى اصدار تعليمات قتال لوحدات اللواء ...

وصلت الى النقطة القوية لفصيلتى وقابلنى الرقيب شوقى الهادى و اخبرنى بان الفصيلة جاهزة للدفاع و اتصلت بقائد الكتيبة و قائد السرية بالتليفون الميدانى واخبرتهم بالموقف و احضر لى احد الجنود كوب من الشاى الساخن وقبل ان اجلس شعرت بان شىء ساخن يجرى على رجلى الشمال من داخل الاوفارول فتعجبت هل هى سحلية مثلا ونظرت الى حذاء المظلات وجدت دماء تسيل علية فاسرعت بفك قايش الوسط و بخلع بنطالون الاوفارول فوجدت فتحة دخول لطلقة و فتحة خروج اكبر منها اعلى الفخذ وعلى عمق حوالى ٣ سم و الحمد للة لم تصل لعظمة الفخذ وهنا فقط شعرت بالالم ( من المؤكد ان فوران الادريالين فى جسمى خلال المعركة جعلنى لا اشعر باى الم) و احضر الرقيب شوقى الهادى العريف الطبى الذى طهر الجرح بالميكروكروم وغطاة برباط ميدانى و اخبرنى ان الجرح نظيف نتيجة ان الطلقة بتكون ساخنة جدا...

وجلست انتظر العدو واراقب...

علمت بعد الحرب من الضباط فى الكتيبة الامامية ان دورية العدو النصف جنزير اسرعت خلفى باقصى سرعة وهى تطلق دفعات رشاشاتها بمعدلات عالية و نظرا للاخفاء والتموية الجيد للحد الامامى لقواتنا لم تلاحظة وعندما اقتربت فتحت عليها جميع الاسلحة نيرانها فألتف سائقها فجاة ودخلت العربة المدرعة الامامية للعدو فى حقل الالغام العشوائى الذى رصة الملازم اول احمد وانفجرت واشتعلت وزحف منها جندى فانهت حياتة دفعات كبيرة من رشاشاتنا الكثيرة من الحد الامامى لدفاعتنا وتمكنت العربة الاخرى التى كانت فى الخلف ب ١٥٠ متر من الالتفاف والعودة الى اقرب ساتر وبدات فى اطلاق دفعات طويلة من النيران علينا....

من بطولات حرب 5 يونيو 67

اول مرة يتحدث مسؤل عن بطولات منسية فى حرب 1967 وأولى هذة البطولات كانت بطولة اللواء 114 المشاة من الفرقة الثالثة المشاة والذى خدمت إذ ذاك فى إحدى كتائبة (الكتيبة 342 المشاة) وكان اللواء بقيادة العميد سعيد ابراهيم سعيد وكان يحتل موقعا دفاعية جنوب جبل لبنى...



صباح يوم 6 يونيو دفعت فصيلتى بعربتين مدرعتين وليد 4X 4 للعمل داورية استطلاع مقاتلة على المحور الاوسط فى اتجاة ابوعجيلة / الكوبرى المنسوف لمعرفة موقف العدو لانقطاع كافة وسائل الاتصال مع المستوى الاعلى والجوار و اصبت خلالها بطلقة رشاش إسرائيلى اخترقت فخذى الشمال...

وتمكنت قوات اللواء بعد ظهر يوم 6 يونيو 1967 من ايقاف تقدم مجموعة عمليات معادية واجبارها على التوقف ... وبدأت مدرعات العدو فى الالتفاف من شمال

جبل لبنى ليلة 7/6 يونيو لمهاجمة اللواء من الخلف من اتجاة الغرب الى الشرق ... وللاسف صدر امر الانسحاب فقرر قائد اللواء البطل العميد سعيد ابراهيم سعيد انسحاب اللواء بقيادة رئيس اركان اللواء تحت ستر السرية التاسعة المشاة ( سريتى ) بقيادة النقيب صلاح محمد حسين الدفعة 44 وكانت فصائل السرية الثلاثة بقيادة الملازم رستم احمد حسن (الدفعة 48شمال الطريق الأوسط ثم انا الملازم عبد الحميد شرارة جنوب الطريق الأوسط ثم الملازم سامى البتانونى جنوبى و بقى معنا قائد اللوأء العميد سعيد ... هوجمنا نحن السرية المشاة الذى لا يتعدى عددنا 130 فرد .. هاجمنا لواء مدرع إسرائيلي من 111 دبابة و 47 عربة قتال مدرعة ... وقاتلت السرية قتالا مشرفا وتكبدت خسائر فادحة و أسر فى هذة المعركة العميد سعيد قائد اللواء. بعد ان اصيب ...

الا ان رئيس الاركان تمكن من إيصال باقى اللواء إلى غرب القناة...

استكمالا لهجوم لواء مدرع للعدو على فصائل السرية التى كانت مكلفة بستر انسحاب اللواء 114 المشاة عدا سريتنا ورغم مرور أكثر من 50 سنة الا اننى اتذكر تماما ما حدث يومها بالتفصيل ... كانت فصيلتى تحتل نقطة قوية عبارة عن تبة ويمينها ويسارها ارض شبة مفتوحة و كنت قد جهزتها بدفاع دائرى و كنت مدعم ب ثلاثة رشاشات متوسطة جرينوف اما الدفاع المضاد للدبابات فكان مدفع عديم الارتداد ب11 عيار 107 مم بمدى 400 متر على هدف متحرك و 3 قاذف صاروخى RPG 2 بمدى حتى 150 متر .. وكما وضحت ان العدو التف من شمال جبل لبنى وأعاد تمركز لواء مدرع خلفنا من الغرب ...

فى اول ضوء يوم 7 يونيو 1967 بدأ يتحرك فى اتجاهنا من الغرب إلى الشرق جنوب الطريق الأوسط ونظرت بالنظارة المعظمة فوجدت نقط سوداء كثيرة تتقدم مصدرة الكثير من الغبار والدخان و الضوضاء وكانت الارض بدون مبالغة تهتز خلال تحركها و الضوضاء تزيد حتى تصم الآذان و بعد قصفة قصيرة لمدة حوالى 5 ق نزلنا فيها فى الخنادق ظهرت الدبابات تهدر بدأ رجالنا فى الاشتباك بجميع انواع الأسلحة التى لدينا وأصيب جندى القاذف الصاروخى بجوارى فأخذت القاذف وصوبت و أطلقت على دبابة على مسافة اقل من 50 متر منى فاصابت الطلقة البرج وعملت سكترمة ووقعت على الارض وخلال لحظة فكرت ان اقفز وأخرج من الخندق وأجرى وراء الدبابة لاصيبها ... الا اننى عندما نظرت غربا وجدت عشرات الدبابات السينتوريون و العربات المدرعة تتجة ناحيتى تهدر وتزمجر مطلقة دخانها و مطلقة مدافعها ورشاشاتها نحونا..... فصرخت فى الجنود لاعداد القنابل اليدوية و تركيب السناكى للتعامل مع جنود المشاة الميكانيكية لو حاولوا اقتحامنا كما تعلمنا و ازداد الغبار و الدخان و اهتزاز الارض و هدير الدبابات العالى جدا ونحن نطلق نيراننا ولم نرى اى مشاة تترجل او تظهر وكانوا يشتبكون معنا بدفعات طويلة جدا من الرشاشات و مدافع الدبابات بالطلقات الشديدة الانفجار و نتيجة للانفجارات وجدت ان اذنى اليسرى لا اسمع بها و ثم بدأت اصوات جنازير الدبابات تنخفض تدريجيا حتى اختفت .

331785008_1328649584346995_6666528227036956472_n.jpg






امسكت بالتليفون الميدانى اكلم قائد السرية او قادة الفصائل الاخرى دون جدوى ... حاولت بالجهاز اللاسكى دون جدوى غيرت تردد الجهاز على تردد قيادة الكتيبة او اللواء دون جدوى ... بدات فى حصر الخسائر و معى رقيب الفصيلة الشجاع شوقى الهادئ و كان من الشرقية ... كان الشهداء طاقم المدفع عديم الارتداد ب 11 و 2 فرد مشاة و إصابات خطيرة لعدد 2 فرد مشاة و إصابات سطحية لعدد حوالى 6 أفراد قام الفرد الطبى بربط جراحهم برباط الميدان ... و نظرت بالنظارة المعظمة أشاهد ما حدث لباقى الفصائل فرأيت قائد الفصيلة التى جنوبي يتحرك قادما إلى فصيلتى قائد الفصيلة الملازم سامى البتانونى ومعة حوالى 4 جنود هم من تبقى من فصيلتة

وكنت أقدم من البتانونى رغم اننا دفعة واحدة واصبحت مسؤلا عن كل هؤلاء ... كان على اتخاذ قرار من أصعب القرارات التى واجهتها فى حياتى ... هل ابقى مكانى انتظارا لقيام قواتنا بهجوم مضاد وماذا أفعل و الذخيرة و المياة قاربت على النفاذ وماذا لو لم يكن هناك اى هجوم مضاد ... وكان الخيار الثانى ان أنسحب .... إلى اين ؟؟؟ و كيف أغادر موقعى وانسحب بدون أوامر ان عقوبتها هى الإعدام رميا بالرصاص .. قررت البقاء فى مكانى لعدة ساعات استكمل تضميد الجرحى وانتظر ظهور اى قوات لنا و اذا لم تظهر اى بوادر ننسحب إلى جبل لبنى على مسافة حوالى 4 كم شمالنا و هناك ننظر الموقف وننتظر ...

وبدات معركة جبل لبنى يوم ٦ يونيو ١٩٦٧.....

لقد اكتسبت انا شخصيا خبرة قتال من هذة المهمة لازمتنى طول عمرى وكنت القن كل من خدم معى وخاصة عناصر الاستطلاع واقص عليهم احداث هذة المهمة و اطلب منهم ان يحددوا الاخطاء التى وقع فيها الملازم عبد الحميد شرارة و ما هى الاجراءات السليمة التى كان لابد لة من اتباعها....

وماهى التكتيكات التى اتخذها العدو لضربنا و لم تحقق نتائجها و ما هو القرار الانسب لمطاردة مثل هذة الداوريات...

فنقل الخبرة مطلوبة للاجيال التالية..

.عودت نفسى على اعادة قراءة ما اكتبة واحيانا اتذكر تفاصيل بعض الاحداث فاسرع بكتابتها حتى لا تضيع وانساها فقد مر اكثر من نصف قرن على هذة الاحداث واحاول ان اضيفها الى ما كتبتة ومنها الاحداث التالية....

عندما ابلغنى قائد الكتيبة المقدم اح محمد عاطف عبد الغفار بان اتوجة الى قائد اللواء وانة سيرسل لى عربة جيب لتوصيل وانة لا يعلم ماهى المهمة التى سيكلفنى بها قائد اللواء العميد اح سعيد ابراهيم سعيد ...

قمت بتقدير موقف سريع عن لماذا يطلبنى قائد اللواء بالاسم و اللواء بة 27 فصيلة مشاة غير سرية الاستطلاع...

اذا الموضوع و المهمة غير معروفة فاحضرت رقيب الفصيلة الرقيب شوقى الهادى و طلبت منة سرعة اعداد الفصيلة و ملىء خزن الاسلحة وزمازم المياة استعدادا لاى مهمة نكلف بها...

سؤال آخر لماذا انتقانى قائد اللواء شخصيا لتنفيذ المهمة التى لا ادرى عنها شيئا وتذكرت انة فى عام ١٩٦٦ اختارنى قائد الكتيبة لامثل الكتيبة واللواء فى مسابقة احسن فصيلة مشاة فى الهجوم من الحركة من العمق تحت ستر قوات لنا فى الامام و دربنا قائد الكتيبة بنفسة يوميا ٢٤ ساعة فى اليوم..

فقد كان فى الاصل ضابط بقوات المظلات ومن الرعيل الاول بها و صافحنى قائد اللواء بعد المسابقة مشجعا لفصيلتى...

و استنتجت انة قد يكون اختارنى لهذا السبب...او لاننى حصلت على فرقة طبوغرافيا للضباط بتقدير امتياز... كان ذلك ما دار فى مخيلتى لتقدير الموقف خلال توجهى لمقابلة قائد اللواء...

وبعد توجهى ومقابلة قائد اللواء العميد سعيد ابراهيم سعيد واستلام المهمة واستلام العربات المدرعة وليد و خلال عودتى للسرية وعلى ضوء المهمة قدرت موقف اخر سريع ملخصة ان اخذ معى بكل عربة فقط 8 جنود اى 16 جندى و انا ورقيب الفصيلة وباقى الفصيلة جماعة مشاة كاملة و 4 جندى مشاة تحتل النقطة القوية للدفاع عنها فى حالة تأزم الموقف او لا قدر اللة لم نعد لان الموقف فى الشرق كان غامضا تماما..

وعندما كنت افكر بعد انتهاء الحرب فى ما حدث كنت اقول لنفسى انها فعلا كانت مهمة للذهاب بلا عودة ولكن اللة شاء ان نعود واقص عليكم ما حدث...

سالنى بعض الأصدقاء عن شعورى وأحاسيسى وانا ذاهب فى هذة المهمة المجهولة وانا ملازم عديم الخبرة ولم اوضع فى موقف مشابة من قبل...

حقيقة كان موقف غامض تماما ضبابى بالنسبة لى لم اتعرض لها من قبل فالضابط المشاة العادى فى ظروف الدفاع يتواجد فى خندقة يسيطر على جنودة و يرى العدو خلال اقترابة ومدرب على المواقف المختلفة فى الدفاع...

كذلك فى حالة هجوم قواتنا على العدو المدافع فهو مدرب على ذلك وينفذة ضمن تشكيل اكبر سواء كان سرية او كتيبة او لواء و يتوقع رد فعل العدو و يعلم تماما كيف سيتصرف فى كل موقف...

اما فى حالتى خلال تنفيذ داورية الاستطلاع المقاتلة فالمواقف غامض تماما و ليس لديك اى معلومة لا عن موقف العدو المهاجم او قواتنا المدافعة فى الامام و تتوقع مع كل متر تتحركة ان هناك خطر داهم عليك وعلى جنودك لا يمكنك توقعة او تقدير مدى خطورتة والاخطر شرازم الجنود المصريين المنسحبين غربا ...

وفى نفس الوقت انت ملتزم بتنفيذ المهمة و قائد اللواء يضع ثقتة الكاملة فى انك ستاتى لة بالمعلومة الحقيقية عن موقف العدو وموقف قواتنا فى الامام...

تتصارع هذة الأحاسيس والمشاعر فى عقلك كالوحوش وهنا ياتى الإيمان بالقدر و ان المكتوب على الجبين لازم تشوفة العين و الإيمان بالنصر وان جيش مصر العظيم لابد أن يخرج منتصرا مهما كانت التضحيات لذلك اصريت عندما اخبرنى دفعتى الملازم ايهاب صالح بان الموقف فى الشرق جهنم وان الجميع ينسحب اصريت على الاستمرار فى تنفيذ المهمة حتى ارى العدو رويا العين لانقل لقادتى الموقف بالضبط...

و انتابتنى حالة من اللا مبالاة الكاملة عن سلامتى فقط هدف واحد وهو تنفيذ المهمة مهما حدث.. فالمثل يقول الواجب اثقل من الجبل والموت اخف من الريشة....

ذكريات عن جبل المغارة خلال الانسحاب سيرا على الاقدام فى يونيو 1967.

كنت برتبة الملازم وكل خدمتى من بداية تخرجى من الكلية الحربية الدفعة 49 حربية يوم 15 اغسطس 1966 لا تتعدى 9 شهور خدمة وحضرت معركة جبل لبنى و

خلال الانسحاب سيرا على الاقدام بعد معركة جبل لنبى يوم 7 يونيو 1967 ومعى جنودى تحركنا ليلا ليلة 7 /8 يونيو مستغلين الظلام من جبل لنبى الي جبل المغارة فى طريقنا شمالا غرب فى اتجاة بور سعيد و هناك اكتشفت شقا صغيرا فى الجبل يسمح بدخول فرد مترجل ودخلت ووجدت مساحة متسعة حولها الجبل من جميع الاتجاهات وبها عشرات الكهوف تطل على هذا الميدان الفسيح وعلى ارتفاعات مختلفة و قررت ومعى جنودى المبيت فى هذا المكان السهل الدفاع عنة ويوفر الحماية الطبيعية و الاخفاء والتموية المتميز ثم استكملنا السير ليلة اليوم التالى ( 8 / 9 يونيو 1967)

ومن الطريف اننى اخترت كهف ليس على ارتفاع منخفض او مرتفع و يشرف على مدخل هذا المكان ( داخل الشق) واخترت لجنودى كهوف اخرى بجوارى ليسهل الاتصال بيننا وتبادل الإشارات المرئية

كان الكهف كغيرة من الكهوف بداخلة فرشة من الرمال الناعمة السافية التى نقلتها الرياح خلال عشرات السنين و رغم اننى عثرت على جلد مسلوخ لثعبان كبير لا يقل طولة عن 150 سم ناتج عن تغير الثعبان لجلدة الا اننى لم اغير الكهف و قررت النوم فية وكل ما فعلتة هو خلع حقيبة خزن طلقات البندقية الالية وعملتها كوسادة لراسى ( كان بها 3 خزن طلقات 7،62 / 39 بكل خزنة 30 طلقة) ووضعت 2 قنبلة يدوية F1 الدفاعية بجوارى وكذلك سونكى البندقية بجرابة وبجوارة زمزمية المياة التى كان بها اقل من نصفها ورغم حرصى على كل قطرة مياة الا اننى أعطيت جرعات منها لجنديين من جنودى يحتضرون قبل انسحابى وتركت لهما جركن مياة

ونمت ومن العجيب اننى نمت بعمق شديد ولم اشعر بمرور الوقت قد يكون نتيجة الارهاق والتعب و العطش والجوع والتوتر الناتج عن المعركة رغم ان كل احلامى كانت معارك فى معارك و جرحى و انفجارات..

فعلا جبال سيناء مثل جبل الحلال وجبل المغارة بها الالاف من المغارات و التى لا تظهرها الخرائط الطبوغرافيا..

صورة لاحد المداخل المخفية والتى لا توجد على الخرائط وتحتاج الى خبراء لاكتشافها من الصور الجوية

==========================

عن حرب يونيو 1967..(استشهاد الجندى منير

كما ذكرت لكم من قبل كنت ملازم قائد فصيلة مشاة ( متخرج قبل الحرب بحوالى 9شهور) احتل نقطة دفاعية جنوب جبل لبنى و تشرف على الطريق الاوسط الممتد من متلا /الحسنة / ابو عجيلة الحدود الدولى مع فلسطين المحتلة
وكانت تشبة الهرم ظاهرة للعيان من بعيد ...
وكما قصصت لكم عن تكليفى للعمل داورية استطلاع مقاتلة و اصابتى وعودتى وإبلاغى بالموقف لقائد اللواء ثم عدت لاحتلال نقطتى و الدفاع عنها و رويت لكم عن معركة جبل لبنى و ان السرية التى كنت قائدا لاحد فصائلها كلفت بستر انسحاب اللواء وتعديل مواجهتها لتواجة الغرب فقد التف العدو ليلة ٧/٦ يونيو ليهاجمنا فجر يوم ٧ يونيو من الغرب فى اتجاة الشرق....
وكان معنا قائد اللواء الشجاع العميد سعيد ابراهيم سعيد الذى رفض الانسحاب وأرسل القوة الرئيسية للواء بقيادة رئيس اركان اللواء العقيد نعمان للانسحاب غربا وبقى مع سريتنا التى هجم عليها لواء مدرع إسرائيلى كامل وأسر قائد اللواء فى هذة المعركة بعد اصابتة ...

ورويت لكم احساسى كملازم قائد فصيلة مشاة مسلح بالاسلحة الخفيفة عندما هجم علينا فجر يوم 7 يونيو 1967 لواء المدرع الإسرائيلى المكون من 111 دبابة سينتوريون حديثة بمدفع عيار 105مم ومدى 1500 متر طلقة مباشرة كنا حوالى ١٤٠ جندى مذودين باسلحة صغيرة وحتى الاقاذف الصاروخى المضاد للدبابات الاربى جى كان ماركة ٢ مداة من ٥٠ الى ١٥٠ متر وبدون مبالغة كانت الارض تهتز تحت اقدامنا كأنها الزلزال و صوت جنازير الدبابات وهى تصهلل بأصوات عالية و دخان العادم يملىء المكان وأصوات انفجارات قذائف الدبابات على اى هدف متحرك عالية جدا و اصوات لعلعة الرشاشات بدفعات طويلة جدا و اصوات ازيز الرصاص المنهمر تمرق حولنا...
ورويت لكم ان دبابة سينتوريون معادية اقتربت من موقعى ووجهت مدفعها ناحيتى فتوقعت ان تضربنى بطلقة شديدة الانفجار فنخفضت فى الخندق ولكنى سمعت صوت رشاشها يطلق دفعة الطويلة جدا من رشاشة فنظرت لأعرف الموقف ووجدت انة اصاب افراد طاقم مدفع عديم الارتداد B11 فى الوادى تحتى فاستنتجت ان جنود العدو مدربين جيدا فقد وفروا طلقة شديدة الانفجار لهدف اخر ..

. كان الجندى منير يمينى فى احد خلجان النيران و على مسافة حوالى 5 امتار منى وللاسف لاتذكر باقى اسمة كان قبطيا وسيما ابيض الوجة رياضى ومنضبط الى اقصى حد وكان ضارب للقاذف الصاروخى المضاد للدبابات RbG ماركة 2

(كان مداة من 50 الى 150 متر...( .
وسمعت صوت الجندى منير يتاوة من الألم و صوت الدبابة يصلصل ويذداد اقترابا بصوت عالى جدا ...
أسرعت نحوة وجدتة ملقى على ارض خندق المواصلات والدماء تنزف بغزارة من رقبتة لقد اصيب فاسرعت بالتقاط القاذف الصاروخ RbG الملقى بجوارة و الذى كان معمرا بصاروخ ونشنت على الدبابة وهى تقترب كالوحش المذمجر واطلقت الصاروخ وانطلق واصاب الدبابة فى البرج الا انة عمل سكترمة وارتد وسقط على الارض بدون ان ينفجر ( يرجع ذلك لان المسافة اقل من 50 متر فلم تكتمل الحركة الميكانيكية للطابة) و أسرعت الدبابة بالانطلاق شرقا مبتعدة محدثة صوت ودخان كان السائق قد داس على دواسة الوقود بعنف مافية...
خلال جزء من الثانية فكرت فى إعادة تعمير القاذف الصاروخى والقفذ خارج الخندق والجرى خلف الدبابة وضربها قبل ان تبتعد عن مسافة ١٥٠ متر ( اقصى مدى للقاذف ).

الا اننى عندما نظرت الى اتجاة الغرب وهو اتجاة الهجوم للعدو وجدت عشرات الدبابات تتقدم بفواصلها التكتيكية فى اتجاهنا وتطلق مدفعها ورشاشاتها على فصائل سريتى...
أسرعت الى الجندى منير الذى كان الدم ينهمر بشدة من رقبتة و حاولت إيقاف النزيف و كانت الإصابة بشظية من دانة مدفع دبابة اصابت الوريد الشريانى فى الجانب اليمين من رقبتة وكانت اول مرة فى حياتى يواجهنى هذا الموقف خرطوم من الدماء يتدفق لاعلى مع كل انقباضا للقلب حاولت ايقاف النزيف بيدى دون جدوى ..
و بدأ يشعر بالبرد الشديد ويرتعش فلففتة بطانية ( كان يضعها اسفل خليج النيران ليجلس عليها) و ندهت بأعلى صوتى على العريف الطبى ( كان جندى مشاة مستدعى و اخذ دورة تدريبية عن الاسعافات الأولية والتضميد ونقل المصاب لمدة ثلاثة أيام بالنقطة الطبية للكتيبة بواسطة طبيب الكتيبة الملازم اول طبيب / محمد رسلان رحمة اللة فقد استشهد فى هذة المعركة)
حضر العريف الطبى بسرعة وشاهد الدماء تغطى وجهى ويداى وملابسى فظن اننى انا المصاب فصرخت فية لايقاف نزيف الجندى منير فاخرج ادواتة وبدأ فى ربط الرقبة و كنت انظر إلى الجندى منير واشجعة وكان ينظر إلى بنظرة مستحيل ان انساها مهما حييت و حتى الان عندما اتذكرها او احلم بها يقشعر جسمى و هى لا استطيع وصفها بالكلمات فقد كانت مذيج من الخوف والضياع و الدهشة و الاستسلام والرجاء ..
نظرة لم يستطيع اى مخرج ان يجسدها فى افلام الحرب...
ثم اغمض عيناة فى استسلام وصعدت روحة وهو بين يدى لا استطيع ان افعل اى شىء وانا عاجز تماما عن انقاذة...
فى هذة المدة كان الاشتباك على اشدة ولكن للأسف ماذا تفعل البنادق و الرشاشات امام الدبابات الصلب الضخمة...
مقارنة القوات كانت فى صالح العدو وشجاعتنا وبسالتنا كان رد فعل العدو ان سارع فى الإبتعاد عن موقعنا من الاجناب اكثر من مدى قواذفنا المضادة للدبابات واستمر لاستكمال الاختراق شرقا. وهو يطلق علينا دفعات طويلة جدا من رشاشاتة...
.. وبدأ صوت المعركة فى الانخفاض و اكتشفت اننى لا اسمع باذنى الشمال و صفير مستمر فى راسى...
حضر رقيب الفصيلة الرقيب شوقى الهادى و احضر زمزمية ماء وغسل يداى ووجهى من دماء الجندى الشهيد منير ووضعت الرمل على الدماء التى غطت سترة الاوفارول..

. وبدأنا فى المرور على الجنود لتحديد المصابين و تجميع الشهداء والجرحى و الاستعداد لاى هجوم تالى...
حتى اليوم ورغم مرور اكثر من ٥٠ سنة على هذة المعركة و نظرة الشهيد منير لا تفارقنى حتى الان و اصبحت لا اطيق ان يلوث يدى اى سائل لزج يذكرنى بهذة الدماء اغسلها فورا بسرعة...
كانت معركة صعبة علينا نحن الضباط الأصاغر...

ذكريات عن معركة القادة الاصاغر



يونيو ١٩٦٧

سالنى بعض الأصدقاء عن اننى كتبت عن احداث يوم 5يونيو 1967 و احداث داورية الاستطلاع المقاتلة صباح يوم 6يونيو 1967 حتى عدت الى جبل لبنى و كتبت عن احداث يوم 7 يونيو ١٩٦٧ ويريدون ان اكتب بشىء من التفصيل عما جرى فى يوم 6 و ليلة 7/6 بشىء من التفصيل...

مر على هذة الاحداث اكثر من 58 سنة ولكنى لم انساها ابدا وتمر امام عينى يوميا بعضها لم أفهم معناها لقلة خبرتى فقد كنت برتبة الملازم الا اننى دونتها كمسودات وسألت من هم اقدم منى و علمت مغزاها خلال حصولى على دورة القادة وأركان الحرب عام 75/74....

بعد عودتى من داورية الاستطلاع المقاتلة صباح يوم الثلاثاء 6يونيو 1967 ومشاهدتى لقوات العدو المتوقفة على الطريق الاوسط بمنطقة ابو عجيلة و مطاردتى بعربتين مدرعتين نصف جنزير أيقنت تماما بان قوات العدو المدرعة ستهاجمنا اما نفس اليوم قبل اخر ضوء او صباح اليوم التالى وبالفعل تم مهاجمتنا اول ضوء يوم 7 يونيو 1967..

خلال يوم 6 يونيو 1967 بعد الظهر دارت اشتباكات عنيفة بين كتائب النسق الاول للواء ( ك 340 المشاة و ك 341 المشاة) مع مفارزالعدو المتقدمة من الشرق على المحور الاوسط....

أمرت الجنود بتعبئة كافة الخزن للبنادق و شرائط الرشاشات و توزيع القنابل اليدوية على الجميع وتوزيع باقى الذخيرة داخل خنادق المواصلات التى تربط الخندق الأساسى كذلك جميع جراكن المياة فلم نكن نعلم كيف ومتى ستدور المعركة...

نشط طيران العدو بشكل غير معهود عن الايام السابقة وكان تركيزة على كتائب المدفعية والدبابات والدفاع الجوى و قيادة اللواء...

مع الشوشرة غير العادية على تردداتنا اللاسلكية كنا نستخدم التليفونات الميدانية لتحقيق الاتصال التليفونى الخطى بين الفصائل والسرية وبين السرية وقيادة الكتيبة ...

جلسنا فى الخنادق نراقب ما يحدث و علمت فيما بعد ان ذخيرة كتيبة مدفعية اللواء قد انتهت اما بالتدمير بطيران العدو او باستهلاكها فى الضرب نفس الشئ مع كتيبة دفاع جوى اللواء وكانن كتيبة دبابات اللواء الشيرمان العتيقة التى اشتركن فى الحرب العالمية الثانية قد دمرت بالكامل يومى ٥ / ٦ يونيو ١٩٦٧ .

وطبعا لا يوجد اى إمداد بالذخيرة على جميع المستويات لخطورة تنفيذ اى تحركات للسيطرة العدو الكاملة على الجو بطيرانة المتفوق تماما ...

واتخاذة لتكتيكات جديدة بالنسبة لنا على الاقل مثلا عمل قاعدة نيران امام مواجهة اللواء شمال وجنوب الطريق الاوسط شرق جبل لبنى قوامها دبابات طراز AMX13 وهى فرنسية الصنع تعمل مع وحدات الاستطلاع الإسرائيلية خفيفة الوزن ( 13 طن) ومدفعها عيار 90مم و معها رشاش.متوسط

وتدار بالبنزين وليس السولار فصوتها منخفض وسريعة جدا ( تصل إلى 60 كم /الساعة) و كانت تضرب مدفعها من خلف ساتر ثم تجرى بأسرع ما يمكن وتغير مكانها حتى اربكت من يضرب عليها سواء بنيران المدفعية او بالاسلحة المضادة للدبابات التى على الحد الامامى لقواتنا..

وفي نفس الوقت يجرى التفاف بقوة مدرعة كبيرة قدرت بحوالى لواء مدرع إسرائيلى من شمال جبل لبنى حيث لا يوجد قوات لنا الا انها اصطدمت بدبابات لواء مدرع مصرى بقيادة العميد اح عبد المنعم واصل (اللواء ١٤ المدرع ودمر للاسرائيلين طبقا لروايتهم ٤٧ دبابة و٦ عربة مجنزرة مدرعة ) و تولى بعد حرب ١٩٦٧ قيادة الفرقة الرابعة المدرعة ثم قيادة الجيش الثالث الميدانى خلال حرب 1973)

وكانت اطقم دباباتنا قد تمركزت وموهت نفسها فى حفر كانت قبل الحرب قد اعدتها لمثل هذا الموقف .

ومن موقعى شاهدت دبابات العدو وهى تنفجر وتشتعل و تطير داناتها فى كل مكان كما شاهدت ثلاثة دبابات شيرمان الباقية من كتيبة دبابات اللواء ( والتى عادت بعد قيامها بالهجوم المضاد فى اتجاة ابو عجيلة فى اليوم السابق) و تحاول مهاجمة مؤخرة اللواء المدرع المعادى المشغول مع لواء العميد اح عبد المنعم واصل ( اللواء ١٤ المدرع المستقل ) الا انها تدمرت الثلاثة دبابات قبل وصولها لمدى مدفعها الصغير (عيار 75مم) ومداة حوالى 500متر ( مدى الطلقة المباشرة لدبابات العدو السينتوريون البريطانية ذات المدفع عيار 105 مم كان 1500 متر ولا وجة للمقارنة

و كان ذلك قبل اخر ضوء بقليل و علمت فيما بعد ان تنفيذا لأمر الانسحاب قام اللواء عبد المنعم واصل بسحب دباباتة مستغلا الظلام متجها الى المضايق. .

كما انسحبت ليلا ايضا سرايا كتائب النسق الاول للواء وسرايا نسق اول كتيبتى ( عدا سريتى س 9 مشاة ) للواء 114 المشاة بقيادة رئيس اركان اللواء العقيد نعمان تحت ستر سريتى (السرية 9 المشاة) وبقى معنا قائد اللواء العميد اح سعيد إبراهيم سعيد وحضر معركة صباح يوم 7يونيو وأسر فى هذة المعركة بعد اصابتة خلال الاقتحام ..

طوال ليلة 7/6 يونيو كانت قوات العدو المدرعة تتحرك من شمال جبل لبنى الى تقاطع كم 61 الطريق الاوسط

وكنا نسمع اصوات الجنازير ونرى اضواء تحركاتهم ليلا وشاهدت من نقطة ملاحظتى منظر لا انساة ابدا ولكنى استنتجت وقدرت مبتغاة

فقد شاهدت ضوء كشاف زينون قوى جدا اعتقد انة خاص بدبابة معادية من جهة قوات العدو التى تحاصر اللواء من الشرق ويتجة الضوء لاعلى بزاوية حوالى ٤٥ درجة وبعد ظهورة بعدة دقائق ظهر ضوء كشاف زينون لدبابة معادية من خلفنا من القوات الاسرائيلية التى التفت واصبحت خلفنا من اتجاة الغرب وتقاطع الشعاعين عند نقطة التقائهما فاستنتجت بان القوات الملتفة قد اتمت التفافها اصبحت خلفنا وتوقعت ان يهاجموننا فى اول ضوء يوم ٧ يونيو ١٩٦٧.

وبذلك اصبحت سريتنا محاصرة من الشرق بقاعدة نيران عناصر الاستطلاع المعادية بدباباتها AMX13 ومن الشمال والغرب باللواء المدرع الإسرائيلى...

واتذكر انة حضرت الى موقعى قبل اخر ضوء يوم 6 يونيو 1967 عربيتين لورى من سرية مهندسين اللواء مجهزة لرص الالغام سريعا على سطح الارض ( مفرزة موانع متحركة) مجهزة بزلاقة يضع الجنود عليها اللغم بعد نزع تيلة الامان منة وينزلق على الزلاقة الى الارض اثناء تحرك العربة ولكن يعيبة ان جميع الالغام مرصوصة وظاهرة فوق سطح الأرض فتتفادى الدبابات المعادية المهاجمة المرور فوقها..

وتم رص ألغام المضادة للدبابات شمال فصيلتى حتى فصيلة الملازم محمد احمد رستم الدفعة ٤٨ حربية شمالى يمين ويسار الطريق الاوسط الا ان العدو تجنب الالغام خلال هجومة علينا فجر يوم 7يونيو...

ليلا ايضا ليلة 7/6 يونيو 1967 حاول العدو دفع داورية استطلاع من عربات نصف جنزير من وادى ضيق غرب جبل لبنى مباشرة وبين تبة رملية(غرد رملى) تدافع علية الفصيلة اليسار للسرية بقيادة الملازم محمد رستم ( الدفعة 48 حربية) الا ان قائد سرية المدافع عديمة الارتداد المضادة للدبابات الملازم امير السبكى ( الدفعة 48 حربية) كان مستعدا لذلك بان وضع على اجناب الوادى الضيق 2 مدفع عديم الارتداد B10 وخلفهم ب75 /100 متر مدفع اخر B11لتغطيتهم من الخلف..

اشتبكت المدافع مع الدورية المعادية واجبرتها على الارتداد شمالا بالاضافة الى قيام الملازم صبحى احمد فهمى قائد سرية الهاون 82 مم بضرب قطاع نيران على العدو المتسلل فاسرع العدو بالهروب شمالا...

استكمل اللواء المدرع الإسرائيلى الالتفاف بالتحرك غربا ثم جنوبا ثم هاجمنا من اتجاة الغرب ( الخلف) فى اتجاة الشرق

كما انضم علينا ليلة 7/6 يونيو 1967 ايضا مدفع مضاد للدبابات عيار 100مم من القوات المنسحبة من الشرق من ابو عجيلة وتمركز فى الفاصل بين فصيلة سامى البتانونى يمينى وبين فصيلتى و تمكن من تدمير دبابة للعدو سينتوريون تسللت ليلا من شمال فصيلة الملازم سامى البتانونى جنوب فصيلتى فى الفاصل بين الفصيلتين بعد آخر ضوء بقليل وكنا نظن انها دبابة مصرية تائهة الا انة عند أول ضوء اكتشفنا انها سينتوريون إسرائيلى وعلى جانبها حرف V كبير باللون الابيض ...

كما انضم علينا ايضا طاقم مدفع هاوتزر 122مم بقيادة نقيب مدفعية بطل من القوات المنسحبة وتمكن هو الاخر من تدمير دبابة سينتوريون اخرى من مسافة 50متر بالضرب المباشر عليها قمة التحكم فى الأعصاب وقد شاهدت هذا الموقف وانا فى نقطة ملاحظتى اراقب بنظارتى المعظمة وطار برج الدبابة المعادية وانقلب واشتعلت فيها النيران ولا اظن ان أحدا من طاقمها قد عاش ..

نظرا لعدم وجود اى معلومات من اى مستوى عن العدو و قواتنا والجوار و الشوشرة المستمرة على كافة الاجهزة اللاسلكية بواسطة الحرب الإلكترونية للعدو قام المقدم اح محمد عاطف عبد الغفار قائد كتيبتى (342المشاة /اللواء 114 المشاة) بدفع الملازم اول همام رياض تمام ضابط استطلاع الكتيبة (الدفعة 44 حربية) لفتح نقطة مراقبة و استطلاع اعلى جبل لنبى ومعة اجهزة لاسلكية الابلاغ عن اى تحركات للعدو من الشرق والشمال والغرب واعتقد انها نتيجة شوشرة العدو لاقى صعوبة فى الابلاغ عن تحركات العدو ...

كما قام قائد الكتيبة بدفع ( ليلة 7/6 يونيو) ليلا داورية استطلاع بعربة جيب بقيادة الملازم اول شوقى حامد ( الدفعة 47 حربية وهو الآن ناقد رياضى مشهور بالصحافة الرياضية) وكان مقداما شجاعا بمهمة التسلل بعربة جيب مستغلا الظلام و بسرعة بطيئة جدا ودون اشعال اى اضواء للسيارة الجيب الى اتجاة العدو غربا على الطريق الاوسط لتحديد اماكن تواجد العدو الذى يقوم بالالتفاف من جهة الشمال والغرب (خلف قواتنا المدافع)و تمكن بالفعل من مشاهدة الدبابات المعادية قبل هجومها وأسرع بالعودة وإبلاغ قائد الكتيبة بالموقف وقبل تحرك الملازم اول شوقى حامد ومرورة بجوارى على الطريق الاويط متجة غربا تم إبلاغى تليفونيا بواسطة النقيب صلاح محمد حسين قائد سريتى ( س 9 مش) و المتواجد مع فصيلة الملازم محمد رستم يسار الطريق الاوسط بمهمتة حتى لا تشتبك معة فصيلتى خلالذهابة او عودتة ظنا من انة عدو وخاصة اننا فجرا والرؤية الى حد ما ضعيفة ..

لقد حاربنا نحن القادة الاصاغر و جنودنا ببسالة وتمكنا من احداث خسائر بالعدو لولا التفوق الساحق للعدو المدرع ( لواء مدرع إسرائيلى كامل 111 دبابة + 47 عربة مدرعة + كتيبة مدفعية كلها اسلحة حديثة و يهاجم سرية مشاة مصرية من 150 جندى بالدعم بالاسلحة الصغيرة ليس معها دبابات و السلاح المتوفر القوازف الصاروخية المحمولة على الكتف RPG ماركة 2 بمدى 150 متر للهدف الثابت) والسيطرة الجوية الكاملة للعدو على سماء المعركة و صدور امر الانسحاب للقوات كافة لكانت نتيجة المعارك خلال حرب ١٩٦٧ قد تغيرت..



126393372_1319702905047117_7889054250852857637_n.jpg




ملاحظة..

فى بداية القرن ال21 وكنت برتبة لواء اح مديرا لادارة التخطيط والمتابعة بجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة ثم مستشارا لمدير عام الجهاز للتخطيط و التسويق.

كلفت بمهمة استطلاع جميع اماكن القرى البدوية التى إقامتها القوات المسلحة فى بداية الثمانينات من القرن الماضى على جميع المحاور الرئيسية بسيناء بهدف توطين بدو سيناء وترتكز كل قرية بدوية على تنفيذ عدد من المشروعات التنموية لتشغيل شبابها تمهيدا لتكبيرها مستقبلا مع نجاح وتوسع التنمية لتكون مدن.

وانا على الطريق الاوسط حاولت أن اعثر على مكان فصيلتى الذى حاربت فية فى حرب ١٩٦٧ ولم افلح فقد تم تطوير الطريق الاوسط وتعديل مسارة لتفادى الغرود الرملية التى دائما ما تعيق تحرك القوات على هذا المحور وتم وتوسعتة و للوصول الى مكان فصيلتى احتاج الى خريطة قديمة للطريق لاتتبع مسار الطريق القديم قبل التطوير و أجلت ذلك لحلول الظلام و لأن الوقت لم يسعفنى و تقاعدت عام 2007 و ظهر الارهاب بوجهة القبيح فى سيناء و كبرت انا ايضا فى السن وكم حزنت لعدم تمكنى من الوصول للموقع لقرائة الفاتحة على الشهداء فى موقع استشهادهم.

عن رحلة العودة المريرة والمواقف الغريبة حدثت لى فى حرب يونيو ١٩٦٧

اثناء انسحابنا سيرا على الاقدام جنوب الطريق الشمالى الموازى للبحر الابيض المتوسط. فى سيناء ..

كنا نسير على مسافة ٥ كم تقريبا جنوب الطريق الساحلى الشمالى حتى لا يرانا العدو الذى يستخدم الطريق الشمالى ويتميز هذا المسار بوجود كثبان رملية و زراعات من النخيل الكثيف يمكننا ان نتقى تحتها حرارة شمس يونيو الحارقة و تبعدنا عن عيون العدو وخاصة الهليكوبتر و طائرات الاستطلاع الخفيفة مثل ( السوبر بيبر كب) و احيانا كنا نجد بعض الابار بها القليل من الماء او جافة ذات ارضية رطبة فينزل بداخلها الجندى ابو زيد ويحفر بها قليلا حتى يتجمع بعض الماء تكفى لملىء بعض الزمازم بالمياة الشبة مستثاغة للشرب..

اثناء سيرنا لاحظنا تجمع للبدو بين النخيل يملؤن اوعيتهم من بئر مياة فاتجهنا اليهم ووقف جنودى الستة لياخذوا دورهم لملىء الزمازم ولاحظت ان نسبة جمال الفتيات عالية جدا عكس من قابلناهم من قبل فهن طوال القامة حاسرات الوجة بيض البشرة ومنهم ذو عيون واسعة ملونة و ضفائر شعر ناعمة طويلة تصل الى وسطهم من الخلف..

فتحدثت مع النقيب احمد ممدوح طة بالانجليزية قائلا انهم رائعات الجمال فرد على بالعربية فعلا يا شرارة...

سمعنا احد الشباب فسالنا اانتم مصريين؟؟؟ قلنا نعم فقال الحقوا نفسكم دول فاكرينكم إسرائيليين و جايين يقتلوكم.... و هنا صاح النقيب احمد باعلى صوتة يا ناس احنا مصريين عساكر وضباط مصريين خدونا الى شيخ القبيلة واحاط بى جنودى لحمايتى فانا الوحيد الذى يشبة العدو اشقر محروق من الشمس حالق شعر راسى ولكن مع الانسحاب طالت لحيتى الشقراء قليلا وارتدى اوفارول زيتونى كان يصرف لعناصر الاستطلاع مليئ بالجيوب سواء السترة او البنطلون وتحت مكان القايش بالبنطلون شريط من القماش توضع بة الرصاصات (٣٠ رصاصة) حتى الرصاصات كان شكلها غريب خارق حارق المظروف لونة زيتونى و المقذوف علية خط اسود واحمر واحمل بندقيتين واحدة بالعرض خلف ظهرى واخرى احملها فى يدى بدبشك ينطوى عثرت عليها خلال الانسحاب ورفضت ان اتركها...

تقدمنا الشاب البدوى الى مكان شيخ القبيلة و كان رجلا فى حوالى الخمسين من العمر طويل ورشيق ومتعلم ويرتدى ملابس البدو نظيفة و شيك تقدم الية النقيب احمد و عرفة بنفسة واشار الى وقال الملازم عبد الحميد شرارة ..

نظر الى شيخ القبيلة متعجبا وصافحنى وطلب منى الجلوس بجوارة و سالنى بهدوء انت ساكن فين فى مصر ومن اى بلد فيها ( يختبرنى اذا انة شاكك فى ان اكون من العدو بلا شك ولة حق) قلت لة اننى اصلا من مدينة المنصورة عاصمة الدقهلية واقيم مع اسرتى فى مصر الجديدة سانت فاتيما بجوار الكلية الحربية...

فسالنى بتركب اية من ميدان التحرير حتى منزلك اجبتة ( اتوبيس ٥٠٠.) .. فابتسم وقال لى قولى الفاتحة فقراتها لة بصوت مرتفع...

فزادت ابتسامتة و سألنا اانتم جوعى قلنا نعم لم ناكل اى طعام من حوالى اسبوع سوى بعض التمر و كسرات من الخبز البدوى..

فاشار الى الشاب الذى احضرنا الية وهمس لة ببعض الكلمات وانصرف الشاب...

جلسنا قرابة الساعة و حضرت الفتيات الجميلات ومعهم اطباق وبها شوربة دجاج ساخنة وربع دجاجة مسلوقة فى كل طبق و حوالى ربع رغيف من العيش البدوى الذى يشبة القرص..

خلال دقائق كنا التهمنا الطعام حتى العظام قرقشناها وبلعناها من شدة الجوع ولم نترك اى نقطة فى الاطباق...

جلست مرتكزا بظهرى على نخلة وسرحت قليلا و فوجئت بان البدوى الجالس عن شمالى يناولنى ( جوزة) مشتعلة والحجر علية قطعة معسل كبيرة...

قلت لنفسى ااااة يابو الشراشير لو انت مدخنتش من الجوزة قد يعتبرونك إسرائيلى واخذت نفس عميق مثلما كانوا يفعلون وكنت هاموت فيها فانا كنت رياضى وعمرى ما دخنت او شربت سجاير او شيشة من اى صنف و الدخان كان كثيف جدا ودخل الى الرئة كلة مرة واحدة ..

سعلت بطريقة هستيرية و امتلأت عيناى بالدموع وناولت الجوزة للى بعدى وامرى الى اللة...

والحمد للة عدت واحضروا لنا الشاى ثم سالنا شيخ القبيلة هتروحوا فين بعد هنا قلنا الى بور فؤاد ومنها الى بور سعيد فقال انتظروا معنا حتى منتصف الليل ارسل معكم اثنين من الادلاء معهم جملين يوصلوكم الى شاطىء البحر ثم تتحركوا انتم غربا بحيث يكون البحر يمينكم ستصلون الى بور فؤاد قبل الفجر بقليل...

شكرناة و اعدنا ملىء الزمازم و نمنا متلاصقين بجوار بعض حتى حضر الادلاء و حاولوا ان ياخذوا منى البندقية الثانية التى معى حتى يريحونى من حملها الا انى رفضت واصريت على العودة بها...

خلال تحركنا غربا شاهدت اجمل منظر للكابوريا الصغيرة... جيوش من ابو جلامبو تجرى فى اتجاة البحر ثم تعود كلها مرة اخرى عند اقتراب اى موجة...

قبل اول ضوء بعدة ساعات قررنا ان نرتاح لنستكمل تحركنا مع أول ضوء و سالنى النقيب احمد ممدوح طة ضابط اشارة الكتيبة هل تعرف السباحة فقلت لة نعم فقال وانا كمان ولكن ماذا لو جنودنا لا تعرف السباحة كيف سنعبر القناة؟؟؟

ومن الإرهاق والتعب رقدنا والظلام والسكون يخيم على المكان...

وانا نصف نائم شعرت بان الجنود تتحرك و يتكلموا بهمس فطلبت منهم النوم لياخذوا قسطا من الراحة لنواجة مجهود اليوم التالى...

بظهور اول ضوء اكتشفنا ان الجندى ابو زيد قد تمكن من جدل حبل من خوص النخيل يذيد طولة عن عرض قناة السويس فقد استمع الجنود الى حديثنا قبل ان ننام عن السباحة لعبور قناة السويس و كلهم تقريبا لا يعرفون السباحة فكانوا يقطعون سعف النخيل بالسناكى و يأتوا بها للجندى ابو زيد الذى يفككها الى جريد ويبدأ فى جدلة بكلا يدية فى ضفيرة ويستخدم اصبع رجلة الكبير فى تثبيت الجديلة وهو يجدلها بسرعة محترف فى هذة الصنعة و كانت فكرتهم ان يعبر احد الضباط القناة سباحة ومعة طرف الحبل المجدول ويربطة على الجانب الغربى للقناة فى اى شئ يصلح لتثبيتة كنخلة او شجرة مثلا ونربطة من طرفة الاخر شرق القناة بنفس الطريقة ويتمسك بة الجنود وتبادل الايدى يتم العبور فردا فردا..

وبظهور اول ضوء قررنا ان نعاود السير ومعنا الحبل المجدول ..

وخلال سيرنا شاهدنا مركب صيد سمك مصرية كبيرة بمحرك ترفع علم الامم المتحدة و ركابها يشيرون الينا و انزلوا الى البحر فلوكة كانت مربوطة عند مؤخرة السفينة جدفوا بها للاقتراب مننا فخضنا البحر سيرا حتى اقتربنا منهم وركبنا جميعا نحن الثمانية..

و شعرنا بالأمان حتى انى شخصيا غفوت على شبكة الصيد.. واخذتنا مركب الصيد الى ميناء بور سعيد وانزلونا وعادوا مرة أخرى لينقلوا اى شاردين منسحبين وفى الميناء اشاروا بركوب الضباط عربة اسعاف تحركت بنا الى مدرسة تم تحويلها الى مستشفى اما الجنود فاخذوا بعربة لورى الى مكان اخر...

وبوصولنا الى بور سعيد شعرنا بالأمان والسلام فقد عدنا الى بلدنا مصر...

من المواقف الطريفة اننى عند ركوبى سيارة الإسعاف كاد سائقها ان يبتر أصابع يدى عند قفلة الباب المنزلق بقوة هرقلية لولا أنى سحبت يدى فى اخر جزء من الثانية... عجبى هى كانت ناقصة...

سالنى العديد من الأصدقاء عن مصير هذا الاوفارول الزيتونى...

لة قصة هو الاخر فبعد ان اخذونا بعربة الإسعاف الى المدرسة التى تم تحويلها الى مستشفى فى مدينة بور سعيد ( مدرسة اشتوم الجميل الابتدائية ) قمت بخلع سترة الاوفارول ووضعت بداخلها البندقية الالية ذات الدبشك المنطوى وصررتها فى شكل بقجة و عند نزولنا وضعت بندقيتى الالية الاصلية متقاطعة خلف ظهرى ودخلت

كان هناك عدد من المكاتب الميدانية خلف كل منها ضابط صف برتبة مساعد وامامة دفتر كبير وقفت امامة ووضعت البقة بين قدمى لاسند واوقع بيداى وهناك تم تسجيلنا واستلموا مننا السلاح بعد ان كتبوا بياناتة وسلموا كل واحد مننا اوفارول جديد و فانلة ميرى كت بحمالات و لباس بفتة ميرى وفوطة كاكى و حذاء كاوتش و صابونة غسيل مكعبة ضخمة و اشاروا الينا بالصعود الى الطابق الاول ووصفوا لنا مكان الادشاش و الحمامات ورغم اننا كنا جلد على عظم و بالكاد نستطيع السير من الضعف والهزال الا اننا صعدنا السلالم جريا بأقصى سرعة الى الحمامات وهناك لم اصدق نفسى فمن ساعات كدنا ان نموت عطشا والان ادشاش المياة تصب مائها النظيف المنعش على رؤسنا و أجسادنا المنهكة كانت لحظة سعادة غامرة والواحد بيغسل راسة وجسمة بصابونة الغسيل الضخمة وفى نفس الوقت بيشرب من الماء النازل على راسة وقمت بغسل الشرابات فقد كنت متعودا على ارتداء شرابين فوق بعضهما لحماية قدمى الداخلى من القطن والخارجى من الصوف ..

بعد الدش الذى لم نكن نريد أن نخرج من اسفلة اضطررنا للخروج لافساح المكان للضباط الاخرين للاستحمام وارتديت اللبس الجديد....

ياللهول كانت الفانلة كبيرة جدا بدون مبالغة تصل إلى اسفل ركبتى والفتحة التى بندخل منها الرأس تصل إلى قرب السرة وفتحات إدخال الايدى تصل ايضا الى اسفل البطن اما اللباس الميرى فكان الاستك يصل إلى مستوى الصدر و الارجل تصل إلى ماتحت الركبة و كان بنطالون الاوفارول مقاس كبير جدا لدرجة ان كل رجل من ارجلة يمكن ان يقف بداخلها احد الأشخاص و مكان قايش الاوفارول على صدرى بدل ان يكون فى الوسط (وشبهنى بالبنطلون الذى كان يرتدية المعلم الفنان سيد بدير فى فيلم سمارة) اما الحذاء الكاوتش فكان مقاسة صغير جدا لدرجة اننى بالكاد أدخلت أصابع قدمى و استخدمتة كشبشب..

ثم اخذونا الى احد الفصول التى وضعوا بها اسرة متقابلة تشبة العنبر مفروشة بملايات بيضاء و بطاطين ميرى جديدة ونظيفة وناصعة

اخفيت البقجة تحت السرير وعلقت الشرابات مدلدلة تحت ملة السرير لتجف

و حضر طبيب بالبالطو الابيض للكشف علينا فمنا المصاب من العمليات و الباقى تسلخات فى الاقدام نتيجة السير المرهق الطويل وفحص مكان اصابتى فى فخذى الأيسر والذى اصبت بة صباح يوم ٦ يونيو 1967 عندما كلفت بالقيام بداورية استطلاع مقاتلة فى اتجاة ابو عجيلة و الكوبرى المنسوف..

وقام بتطهير الجرح بالميكروكروم وربطة برباط شاش نظيف بعد ان خلع عنة رباط الميدان الملوث القديم و اخبرنى انك تحمد اللة وتبوس يدك وش وظهر لأنك مررت خلال تحركك بمنطقة ملاحات البردويل وخضت فى الملاحات المركزة فكوت الجرح وطهرتة تماما وخلال عدة ايام سنزيل الرباط والحمد للة الطلقة اخترقت العضلة فوق عظمة الفخذ بثلاثة سنتيمترات ولم تصب اى عظام او اى أجزاء حيوية...

و احضروا لنا الطعام وكان قطعتين من البسكويت فقط وليس باكو مكتمل و كوب من الشاى الساخن وقالوا لنا سنتدرج معكم بالطعام تدريجيا حتى تعمل اجهزتكم و بالفعل بعد مدة احضرو لنا باكو بسكويت وزيتونة سوداء واحدة ثم تكرر تقديم هذا الطعام عدة مرات ثم فى ظهر اليوم التالى أخبرونا ان ننزل لتناول الطعام فى صالة كبيرة بها ترابيزات ٦ قدم واطباق وملاعق الومنيوم و غرفوا لكل منا كبشة مكرونة باللحم المفروم بلعناها بلعا من جوعنا وليلا أصبنا جميعا بعسر هضم فظيع..

ومن المواقف المضحكة انهم قالوا لنا أن هناك عدة ترزية فى ممر بين الفصول و كان بالفعل يجلس عدد من الترزية ( الخياطين) وكل منهم امامة ماكينة خياطة و منضدة لتقييف الاوفارولآت وكان قبلى ملازم من ( الدفعة ٥٠) التى تخرجت قبل الحرب مباشرة وكان يطلب من الترزى ان يفكك الاوفارول ويعيد ضبطة على جسمة كانة بدلة فسحة ويجلس باللباس الميرى والفانلة ينتظر انتهائة ووجدت ان الوضع سيطول فذهبت لترزى اخر طلبت منة فقط أن يقصر ارجل واكمام الاوفارول بدلا من قيامى بتشميرها لطولهما وتضيق الوسط حتى لا يسقط البنطلون فقط...

وصعدنا للعنبر وجدت حلاق مدنى كبير فى السن من بور سعيد تطوع مشكورا للحلاقة لنا مجانا فلم يكن معنا اى نقود و قمت بحلاقة شعرى حلقتى الإنجليزى المفضلة التى ارتاح لها (زيرو من الاجناب وثلاثة من اعلى) وأريد هنا ان اشيد بأهل و بشعب بور سعيد العظيم فقد زارنا وفود من سيدات بور سعيد العظيمات ليطمئنوا علينا واخذوا عناويننا فى القاهرة وأرقام تليفونات المنازل وعندما عدت الى القاهرة وجدت انهن جميعا ارسلوا تلغرافات برقية ليطمئن أهلى ومنهن من كلمن والدتى تليفونيا لن أنسى ابدا فضل اهل بور سعيد الذين كانوا يعاملوننا ليس كجنود مهزومين منسحبين ولكن كابطال عائدين بارك اللة فيهم وفى اصالتهم ووطنيتهم...

وفى اليوم الثالث لنا ببور سعيد اخذونا بأتوبيسات ( حافلات ) الى محطة القطار واركبونا قطار متجة الى القاهرة وكان مشهدا حزينا جدا ان يسير القطار موازى للقناة وترى الاعلام الإسرائيلية مرفوعة على الضفة الشرقية للقناة..

كل هذة الاحداث وكان معى ( صرة ) صنعتها من اوفارولى الزيتونى الشهير و بداخلها فوطة الوجة الميرى و بنطالون الاوفارول الزيتونى بكل قذارتها و اثار الدماء الجافة و ملح الملاحات التى خاضتها لأصل الى بورسعيد و البندقية ذات الدبشك المنطوى لصغر طولها ...

توقف القطار ليلا بعد معاناة فى محطة ( درب الحاج ) على طريق الاسماعيلية الصحراوى وكانت الوقفة الأخيرة بعد التوقف فى الطريق عدة مرات وجدنا اتوبيسات اقلتنا الى مستشفى الكلية الحربية و هناك وجدت ان الضابط المسؤل عنا هو ( الرائد النواوى) وكنت اعرفة من ايام ما كنت طالبا بالكلية الحربية وعرفتة بنفسى و قلت لة ان منزلى على بعد خمسة دقائق سيرا على الاقدام من الباب الخلفى للكلية فقال لى ليس من سلطاتى ان اخرجك من الكلية الحربية ولكن الاتوبيسات ستتحرك الساعة التاسعة صباحا بالضبط لتوصيلكم إلى إدارة المشاة لاعادتكم الى وحداتكم وانصرف...

اخذت ( البقجة) التى وضعت بها البندقية الالية دبشك ينطوى والتى احضرتها معى اثناء الانسحاب وخرجت من الباب الخلفى للكلية ولم يكن معى اى شئ يثبت شخصيتى وربنا سترها ولم يفتشنى احد و بالفعل بعد خمسة دقائق مشى بالضبط كنت امام منزلى فى شارع عمر بكير الملاصق للكلية كان المكان هادئ بشكل ملفت ومظلم و جميع شبابيك المنازل مظلمة و مدهونة باللون الأزرق حتى لا يتسرب اى ضوء للخارج و الجميع فى منازلهم...

صعت السلم جريا ورننت جرس باب شقتنا رنتى المعروفة لهم وسمعت دبيب أقدام تجرى لفتح الباب ووجدت امى وأبى و اختى واخى الصغير فى استقبالى بالاحضان و القبلات واخذونى الى حجرتى التى كانت بتبرق من النظافة والترتيب على غير العادة و أصرت امى على ان تطعمنى من أكلها الذيذ الذى اشتقت الية و طلب منهم ابى ان اتركوة يستريح وغدا سيقص عليكم ما حدث...

وضعت الاوفارول الزيتونى بقذارتة فى كيس ووضعت الكيس داخل صندوق من الصاج القوى ( كراستة) كان الجيش بعد ان تخرجنا سلم لنا صندوقين من هذا النوع وسرير خشبى سفرى منطوى موضوع فى كيس من القماش البل و كرسيين من الخشب المنطوى وترابيزة صغيرة تنطوى هى الاخرى ولكنى عندما وزعت على الكتيبة ٣٤٢ المشاة / اللواء ١١٤ المشاة لم اخذ معى سوى صندوق صاج واحد وفقد خلال الحرب بعد انسحابنا ...

نعود للاوفارول الزيتونى بقيت محتفظا بة على حالة لمدة حوالى ١٨ سنة داخل الصندوق تحت سريرى بحجرة نومى و عند زواجى فى يوليو ١٩٧٣ لم اخذ هذا الصندوق معى وبعد كل هذة السنين فتحت شغالة نشيطة الصندوق ( او حب استطلاع ) ووجدت الاوفارول فقامت بغسلة وكية وتطبيقة ولكن امى قالت لها انة اصبح صغير المقاس وشكلة مقطوع ( مكان ثقبى دخول الطلقة وثقب خروجها) وقامت بالقائة فى القمامة...

طبعا فى هذا الوقت كنت قد اصبحت برتبة العقيد اح و اعمل بهيئة عمليات القوات المسلحة وكانت اجازاتى غير منتظمة وقصيرة ولم اعرف ما حدث الا بعدها بعدة شهور فحزنت قليلا ثم سارت الحياة...

سالنى احد الاصدقاء عن البندقية الالية التى تنطوى التى احضرتها معى اثناء الانسحاب

ولانها بتنطوى وصغيرة الحجم خبيتها فى البقجة اللى عاملتها من الاوفارول الزيتونى ولفيتها بالغيارات المتسخة وعدت بيها الى وحدتى فى الماظة وثم عند تحركنا الى منطقة ابو بلح جنوب الاسماعيلية سلمتها الى قائد الكتيبة المقدم محمد عاطف عبد الغفار الذى احتفظ بها للدفاع بدلا من مسدسة فقد كنا فى نهاية شهر يونيو ١٩٦٧ وبداية شهر يوليو والموقف غامض و القوات قليلة والتهديد مستمر وعند ترقيتة الى عقيد وانتقالة الى قيادة اللواء رئيسا لأركان اللواء أخذها معة وبعد مرور عام نقل إلى وظيفة اخرى ففوجئت بانة يعيدها لى مرة أخرى... شافها عندى جندى احتياط مستدعى من جماعة الاستطلاع وكان اسمة موريس طويل وبشنب ضخم من الصعيد طلب يشتريها منى ب 300 ج ( كان مرتبى وقتها 30 ج) بصراحة خفت لانها ستتسبب فى مشاكل فاخذتها الى قائد الكتيبة الجديد المقدم فؤاد صالح ذكى واخبرتة بالقصة ولم اذكر لة قصة الجندى موريس طبعا

فامر بتسليمها بمحضر استلام الى قسم تسليح اللواء وقال اننا عثرنا عليها فى قطاع الكتيبة وليست من عهدتنا و انتهت

كان الجوع قد أخذ منا ماخذة كانت نقودنا قليلة جدا فلم نكن قد استلمنا مرتبات شهر يونيو او مايو 1967 واستشهد ضابط الماليات خلال حضورة بالمرتبات تمكنا من تجميع كل ما معنا من نقود ضباط وجنود وكان مبلغ 30 قرش اعطيناها للجندى ابو زيد الذى عين نفسة الحارس الخاص لى محبة منة فقد كان يعمل غنام من محافظة البحيرة ولة خبرة كبيرة فى الخرفان و المعيز من قبل التجنيد و توجة إلى تجمع للبدو للفصال والشراء وعاد بعدقليل يحمل على كتفية معزة متوسطة الحجم

خلال دقائق كانت المعزة مذبوحة ومسلوخة و أشعل الجنود نارا من الهيش واعشاب الصحراء وتم تقطعها إلى أجزاء تم رشقها على الحرابى الخاصة بالبنادق الالية و بدءوا فى شيها

ابتعدت عنهم قليلا للمراقبة فالانسان لا ينبغى ابدا ان يقلل من احتراسة وحذرة من جميع العداءيات المحتملة..

وخلال ذلك اقترب منى ضابط برتبة مقدم نحيف الجسم وسلم على بحرارة وقال لى ان اسمة المقدم مهندس حسن (على ما اتذكر) و انة خدم مع ( خالى) العقيد اح مهندس أحمد حمدى عندما كان فى مدرسة المهندسين وانة شاهدنى معة فى أحد المرات وانة عندما شاهدنى اليوم تذكر خالى وتذكرنى وجلسنا نتحادث ونتذكر هذة الايام و سالتة هل معك ماء فقال زمزميتى خاوية فافرغت نصف الماء المتوفر عندى وكان تقريبا نصف زمزميتى ( حوالى نصف لتر) فى زمزميتة الفارغة و طلبت منة الانتظار وذهبت إلى جنودى و معهم النقيب احمد ممدوح طة وكانوا يقتسمون لحم الشاة المشوى وأخذت نصيبى وعدت إلى المقدم حسن واقتسمتة معة كل منا اخذ قطعة حوالى 5 سم مكعب من اللحم اكلناها فى قضمة واحدة و استمريت الوكها فى فمى وامضغها لاستمتع بمذاق اللحم لأول مرة من مدة طويلة رغم أنها كانت بدون ملح او اى توابل ويغلب عليها طعم الأعشاب المحروقة التى تم شيها عليها ولكن كان هذا أقصى ما أستطيع فعلة لزميل

وطلبت منة مرافقتنا الا انة فضل السير مع جنودة

ولم اسمع عنة او اقابلة بعد ذلك واتمنى ان يكون قد وصل إلى أرض الوطن بسلامة اللة

استكمالا لرحلة العودة المريرة فى يونيو 1967 بعد معركة جبل لبنى تذكرت موقف يدل على معدن الجندى والضابط المصرى الأصيل رغم الهزيمة..... واعزرونى انا اتذكر الايام بالتفصيل من بداية الحرب حتى انسحابنا يوم 8 يونيو ولكن الايام بعد ذلك نتيجة الجوع والعطش و المخاطر مع كل خطوة لا أتذكر الايام ولكن اتذكر الأحداث ومنها هذا الحدث.....
كنا نتحرك فى اتجاة الغرب جنوب الطريق الشمالى بحوالى 5/3 كم... كنا 2 ضباط... النقيب أحمد ممدوح طة و انا الملازم عبد الحميد شرارة ومعنا 6 جنود من فصيلتى نسيت أسماؤهم عدا الجندى ابو ذيد كان من البحيرة وكان يعمل فى رعى الأغنام وكان متوسط الطول مفتول العضلات ويسير حافى القدمين و اجدع من رأيت فى تسلق النخل أو النزول داخل الآبار الجافة ويحفر داخلها حتى يصل إلى الماء.. وكان شجاعا جدا..
كنا نسير ليلا على ضوء القمر ونرتاح نهارا و فى أحد الأيام مررنا على قرية مهجورة للعرب من سعف النخيل و جزوع النخل وقررنا المبيت وقبل فجر اليوم التالى سمعنا صوت عربات مجنزة بجوارنا فصمتنا جميعا و نظرنا من خلف السياج فى حرص فشاهدنا 2 عربة نصف جنزير و يقف على كل عربة ممسكا برشاشها جندى إسرائيلى و يفتش 3 جنود آخرين ومعهم اعرابى عشة بالقرب مننا... و قررنا الضباط والجنود أن نستغل عنصر المفاجأة لو تحركت هذة المجموعة لتفتيش المكان الذى نحن فية نطلق عليهم النار بكثافة ونقتل أكبر عدد منهم وليحدث ما يحدث....
اما قاتل أو مقتول و أخرجت 2 قنبلة يدوية F1 كانت معى وضعتها بجوارى خلف جزع النخلة خلف السياج و فردت تيل الأمان الخاصة بها لسرعة الاستخدام و نشنت بندقيتى الآلية على رأس الجندى الإسرائيلى الممسك برشاش العربة المدرعة التى أمامى بحوالى 60 متر... وكان حظهم حلو فبعد أن فتشوا العشة التى أمامنا ركبوا العربات المدرعة وانصرفوا إلى الطريق الشمالى واتجهوا ناحية العريش انتظرنا حوالى الساعة ثم استمرينا فى السير.... فعلا فى هذا الموقف كنا لقاتل أو مقتول........
سالنى بعض الاصدقاء لماذا لم تطلق النار على الجندى الإسرائيلى رامى الرشاش على العربة المدرعة رغم انك قناص بارع و حتما ستصيبة من اول طلقة...
اقول... كان امامنا هدف واضح فقبلها بيوم علمنا من الاعراب ان الرئيس جمال عبد الناصر قد استقال وقررنا ان مصر فى حاجة الينا اليوم اكثر من اى وقت مضى فكنا نسابق الزمن للعودة للانضمام مرة اخرى لصفوف قواتنا المسلحة لنحمى حدودها ولو كنا اشتبكنا كان العدو حتما سيرسل قوات لمطاردتنا فهم على اتصال دائم مع قياداتهم...
وبالفعل عدنا الى بور سعيد و منها تم تجميعنا وعلاجنا ودفعنا الى وحداتنا التى اعيد رفع كفاءتها على عجل واعيد دفعنا لحماية مصر باحتلال المصاطب والتباب من جبل مريم جنوب الاسماعيلة الى جنوب الشيخ حنيدق...
وتوليت قيادة فصيلة مشاة كانت تدافع عن كوبرى نفيشة و كوبرى السكة الحديد شرقة ودعمت بدبابة ضخمة ثقيلة GS جوزف ستالين مدفعها عيار ١٢٢ مم

===============

ذكرياتى عام 1967 بعد عودتى سيرا على الاقدام واعادة انضمامى الى كتيبتى بالماظة

كانت خسائر كتيبتى فى الافراد و الاسلحة كبيرة خلال حرب يونيو 1967 فقد كلفت السرية التاسعة المشاة بمهمة ستر انسحاب اللواء ليلة 6 / 7 يونيو 1967 وبقى معنا قائد اللواء العميد سعيد ابراهيم سعيد وتحملت السرية هجوم لواء مدرع إسرائيلى كامل من 111 دبابة سنتوريون بمدفع عيار 105 مم و عدد 47 عربة مدرعة غير المدفعيات والطيران المعادى المتفوق...

مع بداية شهر يوليو ١٩٦٧ تم إعادة تمركز كتيبتى من الماظة الى منطقة ابو بلح جنوب الاسماعيلية غرب منطقة الشيخ حنيدق فقد كان اللواء 114 المشاة يحتل دفاعات على نسق واحد واحتياط فى النسق الاول على القناة فى اليمين الكتيبة 340 المشاة بقيادة المقدم اح قدرى عثمان بدر بمنطقة الشيخ حنيدق...

و الكتيبة 341 المشاة بقيادة المقدم محمد جابر فى منطقة جبل مريم..

اما كتيبتى فاحتلت أوضاعها احتياطى للواء كالاتى :

كتيبة عدا السرية التاسعة 2 سرية مشاة + سرية دباباتبمنطقة ابوبلح غرب طريق المعاهدة الاسماعيلية / السويس..

و احتلت سريتىس٩ مشاه منطقتين سرية عدا فصيلة بقيادة النقيب صلاح محمد حسينو معة الملازم على ابراهيم موسى ( الدفعة 50حربية) تدافع عن الكوبرى العلوى على طريق القاهرة / الاسماعيلية الصحراوى و فصيلة ( فصيلتى) الملازم عبد الحميد حمدى شرارة ( الدفعة 49 حربية تدافع عن كوبرى نفيشة و كوبرى السكة الحديد شرقة ..

كان قائد الكتيبة فى حرب ١٩٦٧ المقدم اح محمد عاطف عبد الغفار و بعد العودة للمعسكر بالماظة عيننى ضابط استطلاع الكتيبة وفى نشرة يوليو 1967 ترقى الى رتبة العقيد وتعين رئيسا لأركان اللواء وتولى قيادة الكتيبة المقدم فؤاد صالح ذكى طلبت من العقيد اح محمد عاطف قبل ان ينفذ النقل ان يعيدنى مرة أخرى الى فصيلتى التى كانت تدافع عن كوبرى نفيشة و كوبرى السكة الحديد شرقة ..

وفعلا استلمت فصيلتى التى حاربت معها فى حرب 1967 بجبل لبنى.

ولم أجد احد من جنودى القدماء، سوى حوالى 3 افراد من حوالى 33 جندى ولم أجد الرقيب شوقى الهادى شاويش الفصيلة و معظمهم مستجدين ونسبة منهم من الاحتياط المستدعى فكان على ان ابدا فى تدريبهم مرة ثانية من البداية..

كنت ادافع بجماعتين مشاة عن كوبرى السكة الحديد وذلك لامكانية تحرك الدبابات المعادية علية كاتجاة مجهود رئيس وادافع عن كوبرى نفيشة بجماعة مشاة مدعمة لامكانية نسفة لو حاول العدو الاقتراب منة..

ومن المواقف المضحكة اننى كلفت الجندى المراسلة الجندى عرفات باختيار مكان لخيمتى الميدانية (1 متر عرض / 2 متر طول / 1 متر ارتفاع ) وانشغلت طول اليوم وعند توجهى ليلا للنوم وجدتة قد اقامها فى المنتصف تماما لحقل كثيف للتين الشوكى العملاقمتعللا بانة لو اراد احد التسلل لعمل عدائى ليلا سيقع فى شر اعمالة.

وفى احد الايام حضرت الى موقعى عربة نقل دبابات ضخمة (تلر) تحمل

اثقل دبابة فى العالم خلال الحرب العالمية الثانية الدبابة GS جوزف ستالين فوزنها يتعدى ال 60 طن وكانوا يسمونها قناصة الدبابات ولها مدفع ضخم جدا عيار ١٢٢ مم ( كانت اكبر اعيرة للدبابات فى الحرب العالمية الثانية عيار ٨٥ مم

وعندما شاهدت ذخيرتها عيار ١٢٢مم فتحت فمى من الأنبهار و الدهشة فقد كانت كل طلقة للمدفع داخل صندوق خشبى مستقل بفتح الصندوق كان بة طلقة واحدة منفصلة المقذوف وبجوارة الخرطوش النحاس التى تحتوى على المادة الدافعة (الكورديت) ٠٠

كانت دبابات كتيبة دبابات اللواء التى كانت تستخدم خلال معارك يونيو 1967 دبابات امريكية من مخلفات الحرب العالمية الثانية طراز شيرمان عيار مدفعها 75 مم قصير الطول ليناسب القتال فى غابات اوروبا و دمرت بالكامل و تم إعادة تسليحها بدبابات روسية من مخلفات الحرب العالمية الثانية طراز T34 بمدفعها عيار 85مم تبدو كالقزم الصغير مقارنة بال GS

فقد تدمرت كتيبة دبابات اللواء طراز شيرمان الامريكى خلال حرب يونيو 1967 بالكامل و كانت الدبابة الثقيلة جوزف ستالين عيار 122 مم التى تم الحاقها على فصيلتى بقيادة ملازم مدرعات احتياط نحيف وقليل الجسم ويرتدى نظارة ذات زجاج سميك واخترت لها مربض نيران ممتاز يصلح للدفاع عن كوبرى نفيشة و كوبرى السكة الحديد شرقة من نفس المربض وقامت فصيلتى بكاملها وتحت اشرافى وانا معهم فورا بتجهيز هندسى لمربض نيران متميز كما الكتاب جنوب كوبرى نفيشة وموهناها بشبكة تموية..

كنت مع نفسى قد قدرت الموقف و احتمالات عمل العدو لو فكر فى تنفيذ عملية عبور للاستيلاء على مدينة الاسماعيلية وقدرت بانة لدية التفوق الجوى الكامل على مسرح العمليات لذلك توقعت ان يحاول قصف دفاعات قواتنا على قناة السويس و ضرب احتياطات قواتنا فى العمق وبالتالى لا اتوقع ان ينجدنى احد وعلية يجب أن اعتمد على نفسى تماما..

وتوقعت ان يقوم بابرار جوى للاستيلاء على كوبرى نفيشة و كوبرى السكة الحديد للعبور ترعة الاسماعيلية و بالتالى يجب أن اطلب جماعة مهندسين لتلغيم الكوبريين لنسفهما بأوامر منى لو حدث هذا الابرار.

وان اقوم فورا بالتجهيز الهندسى المثالى لخنادق الجماعات و حفر برميلية اضافية للأفراد لضمان عدم اصابتهم فى بداية المعركة و تنفيذ مواقع تبادلية للرشاشات المتوسطة الملحقة لضمان استمرار الاشتباك مع العدو..

وفكرت فى نقاط اخرى عديدة

ومن النقط التى فكرت فيها اننا محاطون بالمدنيين من جميع الاتجاهات وهم (عشريين – ودودين ) زيادة عن اللزوم لذلك يجب القسوة فى تنفيذ الانضباط الصارم وقد عانيت كثيرا من هذة النقطة فالقتال اسهل من السيطرة على هؤلاء المدنيين وخاصة ليلا..

330396385_1863134307375993_63756079046979325_n.jpg






فكان على انا شخصيا وعلى ضباط الصف المرور عدة مرات ليلا على الخدمات لصحصحتها حتى لا يتم سرقة السلاح أو الذخيرة او التعينات.... الخ..

فى اليوم التالى مباشرة حضر الى موقعى ضابط كبير برتبة لواء كانت أول مرة اتعرف علية فقد كان اللواء اح صليب منير بشارة قائد الفرقة الثالثة المشاة ( خلفاللواء اح عثمان نصار كان قائدا للفرقة قبلة فى حرب ١٩٦٧) و سر قائد الفرقة تماما عندما شاهد الدبابة التى وصلتنى فى اليوم السابق و هى فى مربض نيران مثالى و مخفية بشبكة تموية و كنت مع قائدها الملازم الاحتياط نرسم تذكرة المرمى التى تحتوى كروكى لمكان الدبابة و مكان المربض التبادل لها و النقط الاشارية حولها فى الامام ومسافاتها و اخبرنى ان هذة الدبابة قد خرجت خصيصا من المتحف بعد رفع كفائتها الفنية وتزويدها بالذخيرة و الوقود و تطقيمها وقام الطاقم بإطلاق النار بها بميدان الرماية ثم دفعها فورا الى هذا المكان وانها مرسومة على خريطة وزير الحربية الفريق اول محمد فوزى فقد كانت الدبابة الوحيدة التى تم توفيرها لتامين هذة الكبارى فى هذا الوقت وان هذة الكبارى حاليا اصبحت مسؤليتك يا شرارة و فصيلتك ومعك هذة الدبابة اصبحت انت المسؤل وهى المتوفرة حاليا لتامين منطقة جنوب الاسماعيلية..

كم شعرت بالفخر والمسؤولية الجسيمة التى على كاهلى وقتها.

ثم سالنى هل ينقصك اى شىء فطلبت المزيد من شكاير الرمل وبعض كواريك الحفر الكبيرة و صافحنى وانصرف وصباح اليوم التالى أحضرت عربة التعيين ما طلبت من شكاير رمل و كواريك حفر كبيرة..

وانا اكتب هذا المقال حصلت على صورة الدبابة ال GS ( جوزيف ستالين ) من محرك جوجل وسعدت كثيرا عندما وجدت ان نمر الجيش هى ( 434 جيش) وبحثت فى أوراقى القديمة فوجدت انها نفس الرقم الذى كان على الدبابة التى الحقت على فى اول يوليو 1967 يالها من صدفة..

ترى اين هى الدبابة الان غالبا عادت الى المتحف ويا ترى اين قائدها الضابط الاحتياط المنضبط ذو النظارة سميكة العدسات..

ذكريات سرية الفدائيين عام ١٩٦٨ / ١٩٦٩

إنقاذ الديك الرومى

ذكرت لكم فى مقالات سابقة عندما لم تتمكن سرية الفدائيين السابقة لسريتى من تنفيذ مهمتها فى اقتحام النقطة القوية للعدو فى الدفرسوار عام ١٩٦٨ لأسباب خارجة عن ارادتها فقط سقطت قنبلة ( دانة عيار ١٥٥ مم) لمدفع إسرائيلى اعلى غابة الدفرسوار وانفجرت فى قمة الشجرة ولجل النصيب كان اسفلها مجموعة نفخ القوارب المطاطية لسرية الفدائيين السابقة فاصابت الشظايا عدد منهم و تسببت فى ثقب عدد من القوارب فالغيت العملية..

كلف العقيد اح فؤاد عزيز غالى قائد اللواء ١١٤ المشاة ( كنت ضابط استطلاع احدى كتائبة ك ٣٤٢ المشاة) بتشكيل سرية فدائيين جديدة من ضباط وجنود اللواء ٠

كان اول اسم فى الكشف الذى كان يضم (٧ اسماء) هو الملازم اول عبد الحميد شرارة واتذكر عندما ابلغنى المقدم فؤاد صالح ذكى قائد الكتيبة ( 342 المشاة) بذلك اثناء مؤتمر و كانت نظرات جميع الضباط تنظر إلى نظرة اشفاق كاننى ذاهب للموت ولن أعود.. .

و كان ثانى اسم بالكشف الملازم اول سليمان العزب موسى قائد سرية المدافع عديمة الارتداد المضادة للدبابات بكتيبتى (الكتيبة 342 المشاة) وكان فى اجازة ميدانية وانضم علينا بعد عودتة..

و خمسة ضباط اخرين منهم قائد السرية النقيب ناشد ويصا من ك ٣٤٠ المشاة..

كانت مهمة الملازم اول سليمان العزب قيادة المجموعة الساترة اليمين و كانت مهمتى قيادة مجموعة الاقتحام اليمين وكانت مهام المجموعتين أصعب المهام وفى اتجاة أخطر المواجهات مع العدو لكثافة التحصينات و الموانع امامها..

كنت قبل تخرجى من الكلية الحربية من البارزين فى العاب القوى و الوثب الطويل و متعود على التدريبات العنيف جدا...

وكان العقيد اح فؤاد عزيز غالى هو من يقوم بتدريبنا شخصيا و كان قاس علينا جدا فى التدريب فعلى سبيل المثال أخذنا الى منطقة جزيرة البلاح شمال الاسماعيلية وهناك تتفرع قناة السويس الى فرعين بينهما جزيرة طولية كانت قواتنا تحتلها و كان يصعد فوق عربة لورى زيل ومعة صفارة ونظارة معظمة واستوب ووتش ( ساعة ميقاتية) و بناء على إشارات منة نقوم بالتجديف بأقصى سرعة للعبور والوصول الى الحافة الغربية لجزيرة البلاح فى اقل زمن ولن اقول مبالغة نفذنا ذلك اكثر من ٣٠٠ مرة بداية من الساعة السابعة صباحا (٠٧٠٠) حتى الخامسة مساء ( ١٧٠٠) كانت كفوف ايدينا جميعا بدون مبالغة قد ظهرت بها بقاليل مائية وتسلخات نتيجة احتكاكها بالمجاديف الخشبية فكنا نربطها بالمنديل الميرى ونستمر فى التدريب ولا وقت حتى للراحة الا دقائق معدودة نشرب فيها بالكاد رشفة مياة من زمزمياتنا..

ونعود مرة أخرى الى غابة الدفرسوار منهكين للغاية لا نقوى على حتى تناول الطعام..

ومثال اخر فى احد الايام احضر ثلاثة لوارى زيل ١٥٧ حمولة ( ٣ طن) للورى الواحد و كان هو شخصيا جالسا بجوار سائق اول لورى وطلب منا تفريغها خلال ١٥ ق وكانت كلها صناديق قنابل يدوية دفاعية F1 ( لمهاجمة الدشم و الملاجئ) و قنابل هجومية RG4 ( لمهاجمة خنادق فى العراء ) و قنابل مضادة للدبابات RPG 43 ( لمهاجمة الدبابات المعادية والعربات المدرعة داخل النقطة القوية من مسافات قريبة ) و قنابل يدوية حارقة ( ثرميت) مصرية الصنع ( لحرق مخازن الوقود و خزانات البترول) ٠٠

واخبرنا ان نستهلكها كلها و سيأتي لنا بحمولات اخرى..

وكنا نتدرب نهارا وليلا حتى أصبحنا محترفين فى اصابة هدف صغير على مسافة كبيرة بة علم صغير وقد استهلكت انا شخصيا قرابة ال١٠٠٠ قنبلة يدوية مختلفة الأنواع...

واصبت بشظايا قنبلة يدوية دفاعية خلال تدريب الجنود على اقتحام احد الملاجئ فاصبت فى يداى وصدرى وكادت شظية منهم ان تذبحنى من رقبتى ...

فقد أنشأ العقيد اح فؤاد عزيز غالى نقطة قوية تشابة نقطة العدو شرق الترعة الحلوة المواصلة من الاسماعيلية السويس لتدريبنا

ايام صعبة جدا و قاسية أضف الى ذلك لا إجازات ولا راحات الا يوم الجمعة من كل أسبوع للاستحمام و النظافة الشخصية وغسل الملابس المتسخة..

فى احد الايام زارنا فى معسكرنا العقيد اح فؤاد عزيز غالى وتفقد احوالنا من مبيت واكل وشرب ودورات مياة و امر لنا بتحسينات وزيادات و قال لنا انة قد عزم نفسة على مأدبة نعدها نحن للعشاء الاسبوع التالى..

تشاورنا نحن الضباط السبعة ووزعنا الأدوار والمهام وجمعنا من بعضنا البعض نقود لزوم الاعداد للوليمة..

أرسلنا احد الجنود لشراء ديك رومى يليق بقائد اللواء على السفرة الرئيسية و عدة دجاجات لباقى الضباط والجنود وضباط الصف ال ٨٠ بواقع نصف دجاجة محمرة لكل فرد و اعداد صانية بطاطس باللحم و حلة كبيرة من الأرز..

فى هذا الزمن كانت الدجاجة ب حوالى ١٥ قرش و لاننا اشترينا ٤٠ دجاجة فى صفقة واحدة خفض لنا الفلاحون الثمن الى ١٢ قرش للدجاجة اما الديك الرومى فكان لوحدة ب ٤٠ قرش.. ايام الرخص..

وتولى قائد السرية النقيب ناشد ويصا التنسيق مع كتيبتة ٣٤٠ المشاة لشراء المستلزمات و طهيها بميس ضباط الكتيبة ..

وكلفت انا باعداد منطقة الوليمة بخيمة كبيرة و ترابيزات ودكك ٦ قدم ميدانية تنطوى و فرشت عليها ملايات بيضاء بدلا من المفارش ووضعت الأطباق وادوات المائدة التى استلفناها ايضا من ميس ضباط الكتيبة ٣٤١ المشاة عن طريق احد ضباطها معنا..

و فرشنا الارض بطاطين ميرى رمادية

كنا طوال الفترة السابقة نتناول طعامنا فى الملاجئ بواسطة عامود الومنيوم مقسم الى ثلاثة او أربعة حلل صغيرة فكان طعام الافطار حوالى ٥،٣٠ صباحا (٠٥٣٠) والغذاء غالبا بعد انتهاء التدريب النهار وقد يكون ٦ مساء (١٨٠٠) اما العشاء فكان بعد انتهاء التدريب الليلى حوالى ٩ مساء (٢١٠٠) واحيانا يستمر التدريب الليلى الى ما قبل الفجر بقليل فلم نكن نعلم متى سيكون موعد الهجوم نهارا ام ليلا..

نعود للوليمة جهزنا كل شىء وباقى حضور قائد اللواء وكانت الساعة حوالى ٧ مساء (١٩٠٠) فى الميعاد بالضبط واستقبلة قائد السرية و الضباط وصافحنا ودخل الخيمة كان الديك الرومى الضخم منور فى منتصف الترابيزة الرئيسية ويمينة ويسارة دجاجتان محمرتان و السلطات منظر يفرح القلب ويشرف وكانت الاضائة جميلة عن طريق ماكينة إنارة صغيرة استلفناها ايضا من سرية مهندسين اللواء.

جلس العقيد اح فؤاد على طرف الدكة ال ٦ قدم الخارجى فاختل توازنة وسقط (كان ضخم الجسم) وهو بيقع قبض على طرف الترابيزة ال٦ قدم والملاية التى عليها فوقعت بما عليها وطار الديك الرومى فى طريقة الى الارض وفى اقل من عشر الثانية كرد فعل العاب القوى فى الاستارت قفزت فى اتجاهة قفذة لا يستطيع اجدع جول كيبر ادائها وتلقفت الديك الرومى واحتضنتة وسقطت أرضا وهو على صدرى..

اسرع الجميع لايقاف قائد اللواء واسرعوا فى عدل الترابيزة الرئيسية و اجلسوا قائد اللواء على الدكة فى منتصفها تماما حتى تتوازن ولا تقع مرة أخرى و قمت بوضع الديك الرومى مكانة على السفرة واحمد اللة اننى كنت قد فرشت أرضية الخيمة ببطاطين ميرى صوف رمادية فلم تتسخ الأطباق و قبل تناول الطعام شكرنى العقيد فؤاد عزيز على انقاذى الديك الرومى و بصفتى المنقذ اتحفنى بقطعة كبيرة من صدر الديك..

وكانت وليمة شهية رغم كل ما حدث فيها...

مستحيل ان انسى هذة الوليمة ابدا

خلال حرب 1967 كنت برتبة ملازم فقد تخرجنا دفعة ٤٩ حربية فى اغسطس 1966 وحضرت الحرب قائدا لفصيلة مشاة وحاربت سريتى فى جبل لنبى فقد كلفت بستر انسحاب اللواء ١١٤ المشاة..

وعدنا سيرا على الاقدام الى بور فؤاد ومنها إلى بورسعيد ثم إلى مستشفى الكلية الحربية ثم عدنا لوحدتنا وكانت تتمركز فى منطقة الماظة مكان معهد المشاة حاليا..

وتم رفع الكفاءة القتالية واستكمال الاسلحة والمعدات و الافراد وتحركنا الى منطقة ابو بلح جنوب الاسماعيلية للعمل كنسق ثان للواء نظرا لتكبدنا خسائر كبيرة خلال الحرب..



68959568_159246141918047_6847308756187873280_n.jpg




كان فى الامام وعلى القناة مباشرة فى اليمين بمنطقة الشيخ حنيدق الكتيبة 340 المشاة بقيادة المقدم اح قدرى عثمان بدر... ( قائد الجيش الثالث الميدانى فيما بعد) وفى الجانب الأيسر الكتيبة 341 المشاة بمنطقة جبل مريم بقيادة المقدم جابر..

وكانت كتيبتنا( 342 المشاة) نسق ثانى اللواء خلفهم بمنطقة عزبة ابو بلح / عزبة كمبورس...

اختارنى قائد الكتيبة المقدم اح محمد عاطف عبد الغفار لاكون ضابط استطلاع الكتيبة و ضابط رماية الكتيبة...

تقريبا كان ذلك خلال شهر يوليو ١٩٦٧...

وفى احد الايام الحارة جدا كنت اصطحب مجموعة من جنود رياسة الكتيبة و سرية الهاون و سرية المدافع المضادة للدبابات عديمة الارتداد لتنفيذ تمرين الرماية بالذخيرة الحية فى منطقة غرود رملية قريبة من الكتيبة و عدنا حوالى الساعة الثالثة بعد الظهر وعلمت ان قائد الكتيبة يجتمع بالضباط بميس الضباط فذهبت لحضور المؤتمر...

وكان يتحدث بان هناك اشتباك عنيف جدا جارى الان بين الكتيبة 340 المشاة بمنطقة الشيخ حنيدق على القناة وبين كتيبة دبابات إسرائيلية مدعمة بكتيبة مدفعية على الجانب الشرقى من القناة..

وان قائد اللواء قد امر بدفع (٢ مدفع عديم الارتداد) B10 و مدفع عديم الارتداد B11 ومعهم خط ذخيرة فورا الى المقدم اح قدرى عثمان بدر قائد الكتيبة 340 المشاة وانة مطلوب ضابط يتطوع لتوصيلها لعدم معرفة السائقين بالمدقات مع سرعة التنفيذ قبل حلول الظلام...

وقفت وطلبت التطوع و قلت اننى ضابط استطلاع الكتيبة وجميع المدقات فى الامام اعرفها وسبق ان استطلعتها و يمكننى توصيل العربة...

كانت اصوات الانفجارآت فى الامام عالية جدا وخاصة ان مجموعة مدفعية اللواء اشتركت هى الاخرى فى الضرب على قوات العدو..

تولى قائد سرية المدافع المضادة للدبابات الملازم امير السبكى بتجهيز الأطقم والمدافع والذخيرة المطلوبة

وجهزت على عجل عربة لورى ٣ طن ( زيل) وضعنا بها المدافعين ال B10 و تم قطر المدفع ال B11 ووضعنا الذخيرة داخل صندوق العربة و المشمع وكانت الحمولة كبيرة و خطرة لوجود خط الذخيرة واطقم المدافع ايضا باللورى...

توكلنا على الله وتحركنا فى اتجاة الشرق على المدق المؤدى الى قيادة الكتيبة 340 المشاة. و الحمد للة وصلت لفيلا قديمة أتخذها قائد الكتيبة مركز قيادة لة وسألت عنة فقالوا فى الامام على تبة مقام الشيخ حنيدق واخبرونى ان رئيس عمليات الكتيبة موجود فى بدروم الفيلا ذهبت لاعطية تمام فصدمت حقا وجدت المياة الجوفية بارتفاع حوالى نصف متر فى البدروم وضابط للاسف برتبة رائد يضع كرسى خشب فى منتصف الحجرة ويجلس مقرفصا علية وهو مصاب بصدمة عصبية ولا يكلم احد او يرد على احد...

رغم انة كان على مسافة حوالى ٥٠٠ متر غرب القناة..

ونظرا لانها منطقة زراعية تكثر بها المدقات و المسالك فقد سألت جنود الكتيبة ٣٤٠ المشاة عن المدق الذى يوصلنى الى مركز ملاحظة قائد الكتيبة حيث يتواجد المقدم اح قدرى عثمان بدر على القناة فاشاروا الى احد المدقات ...

فاسرعت باللورى وحمولتة الخطرة حتى وصلت إلى غرب تبة مقام الشيخ حنيدق حيث وضعنا العربة فى حفرة دبابة غرب التبة مباشرة لوقايتها و اسرعنا بانزال المدافع و الذخيرة ووضعها متفرقة بفواصل حتى لا تنفجر من دانات المدفعية والدبابات الكثيفة للعدو التى تدوى انفجاراتها حولنا ..

و اخذت حكمدارية المدافع الثلاثة وقفزنا وزحفنا مستغلين طبيعة الارض حتى الخندق الذى يدير منة المقدم اح قدرى المعركة والذى فوجئ بى امامة اعطية تمام واعرفة بنفسى و بالمدافع والذخيرة التى احضرتها معى وطلبت منة ان يخبرنى عن الاماكن التى سيحتلونها ليبدؤا الاشتباك مع العدو..

وبالفعل وزعنا المدافع والمهام وبدات على الفور فى الاشتباك مع العدو...

لا تظنوا ان هذا الأمر تم بالسهولة والسلاسة التى اقص لكم بها الحدث الان لا طبعا تخيل انك فوق تبة عالية واول مرة تذهب إلى هناك و الاشتباك على اشدة و كتيبة دبابات معادية ( حوالى 47 دبابة) على مسافة ٢٠٠ متر منك ولا يفصلها عنك سوى القناة واى دبابة منهم ترى اى هدف متحرك تطلق علية النار فورا من مدفعها الرئيسى و رشاشها النصف بوصة حتى ولو ظهر جزء من خوذة جندى مصرى تطلق علية المدفع الرئيسى للدبابة و الفاصل ٢٠٠ متر بيننا ...

كانت ضوضاء الانفجارآت عالية جدا وبدون مبالغة الارض تهتز مع كل انفجار و لعلعة الرشاشات من الجانبين تجعلك لا تعرف من اى اتجاة ستاتيك الطلقة والدخان فى كل مكان ورائحة دخان القنابل حولك...

كنا نزحف ونجر المدفع ونزحف بصندوق الذخيرة المضادة للدبابات والذى كان لينفجر لو لمستة طلقة او شظية بالاضافة الى نيران مدفعية العدو...

كان إدخال المدافع بذخيرتها تحت ضغط نيران العدو المباشرة بطولة من الأطقم فى حد ذاتها وبعد أن انتهيت من توزيع المدافع وذخائرها ... عدت زحفا وقفزت الى مكان المقدم قدرى وابلغتة بتمام التنفيذ وطلب منى البقاء معة حتى ينتهى الاشتباك وأمر احد الجنود بعمل كوب شاى لى و اعتقد انة كان أول اشتباك قوى حدث بعد حرب ١٩٦٧ مباشرة خلال شهر يولية ١٩٦٧ فقد كان العدو كتيبة دبابات و كتيبة مدفعية ميدان تركز نيرانها على تبة الشيخ حنيدق التى تحتلها سرية مشاة مدعمة بدبابة عتيقة طراز ( تى ٣٤) من التى اشتركت فى الحرب العالمية الثانية بمدفعها عيار ٨٥ مم و عدة مدافع عديمة الارتداد..

بعد الاشتباك وكان الليل قد بدأ والظلام قد بدأ يحل سمح لى المقدم اح قدرى فى العودة إلى كتيبتى و اخذنى بالاحضان عند الانصراف..

خلال رحلة العودة اخبرنى سائق اللورى بأننا عندما وقفنا عند قيادة الكتيبة 340 المشاة للإستفسار عن الطريق انفجرت دانة مدفعية معادية قريبا من السيارة واصابت باب السائق و الرفرف الامامى و الحمد للة انها لم تصب ولا صندوق لذخيرة المدافع عديمة الارتداد التى نحملها لكانت انفجرت السيارة وضعنا معها...

علمت فيما بعد انة تم نقل الرائد رئيس عمليات الكتيبة المصاب بصدمة عصبية..

مرت عدة ايام و ظهرت نشرة التنقلات و نقل قائد كتيبتنا المقدم اح محمد عاطف عبد الغفار الى قيادة اللواء رئيسا لأركان اللواء فطلبت منة اعادتى لقيادة فصيلتى السابقة والتى كانت تدافع عن كوبرى نفيشة و كوبرى السكة الحديد و تم دعمى باضخم دبابة رأيتها فى حياتى وهى الدبابة (جوزف ستالين GS ) عيار ١٢٢ مم وكان اكبر عيار دبابات لدينا (من ٨٥ الى ١٠٠ مم) وكان وزنها يذيد عن ٦٠ طن بقيادة ضابط احتياط...

و مرت الايام الصعبة فلا إجازات ولا يدرى أهلنا عنا اى شئ وتم تعديل خطة الدفاع وعملت كتيبتى ٣٤٢ المشاة كاحتياطى للواء ( بدلا من نسق ثانى اللواء) فتم سحب سريتى ( س ٩ المشاة) وضمت الى كتيبة المقدم ا ح قدرى عثمان بدر للعمل كاحتياطى للكتيبة و انضمت سرية دبابات تى ٣٤ من كتيبة دبابات اللواء الى كتيبتنا بدلا من سريتى...

و كان قائد سريتى النقيب محمود أبو السعود شقيق الاعلامية التلفزيونية المشهورة هند ابو السعود...

كان المقدم اح قدرى عندما علم اننى كنت ضابط استطلاع الكتيبة كان يستعين بى لمساعدتة فى اعداد وثائق العمليات و خرائط وكروكيات المهام...

فعلا حياة الضباط مجموعة من اللقطات والمواقف التى تحدد مسارة خلال الخدمة...

ومن المواقف الغريبة عند توزيعى المدافع التى احضرتها وجدت مدفع B11 عديم الارتداد من كتيبة المقدم ا ح قدرى قد انصهرت ماسورتة من كثرة الرمى المتتالى وانعوجت الماسورة واصبحت تشبة الموزة..

وايضا كان مقام الشيخ حنيدق مبنى فوق التبة بالاحجار والطوب والأسمنت وحولة الكثير من البيارق الملونة وضعها المريدين للتبرك بة وكان لة مولد احتفال عظيم كل عام يحضرة الاف الاهالى للتبرك بة...

وخلال هذا الاشتباك العنيف الذى استمر قرابة ال٥ ساعات دمرت دبابات العدو حجرة المقام تماما وبقى المقام المدهون باللون الأخضر على الارض لم يصب باى تلف وذاد ذلك من تبرك الاهلى بة بانة من أولياء اللة الصالحين وانة كان ينفخ فى دانات العدو المقتربة فتنحرف بعيدا...!!!!

الا انة فى الاشتباك التالى مباشرة قامت دبابة معادية بنسف المقام نفسة من على وجة الارض...

وفى احد الايام حضر المقدم فؤاد صالح ذكى قائد كتيبتى الأصلية 342 المشاة للمرور على سريتنا وتفقد احوالها و احضر معة ملازم جديد و طلب عودتى معة للكتيبة لانة عيننى ضابط استطلاع الكتيبة مرة أخرى...

فى عام ١٩٦٩ و كنا بنتحول من مشاة الى مشاة ميكانيكى و تم تسليمنا عدة عربات نقل جند مدرعة ٦x٦قبل تسليمنا عربات نقل الجند المدرعة ذات الجنزير التوباز والتى نزل بعض ضباط الكتيبة لاخذ فرقتها وقيادتها واحضارها بالقطار الينا واذكر منهم الملازم اكرم احمد الحفناوى ( ابن عازف الكمان الاول فى كوكب الشرق السيدة فرقة ام كلثوم ) وكان رغم صغر رتبتة افضل من يقودها وتمكن من معرفة خباياها اما ا لسلاح المغطى امامى هو رشاش متوسط جرينوف ٧،٦٢ x ٤٥
كنا فى صحراء قفط جنوب قنا بحوالى ٣٥ كم وشرقا حوالى ٢٠ كم كانت ايام صعبة و الحر شديد جدا نهارا وقارص البرودة ليلا مع كثرة العقارب وكنا بننزل اجازة ميدانية كل ٥٤ يوم ان لم يكن اكثر...
خلال احد المشروعات بجنود وكنت اعمل قائد سرية مررنا فى صحراء قفط بجوار جثة فتاة صعيدية مقتولة من عدة سنوات طويلة ولكن لم تتعفن كانت كانها محنطة حرارة الشمس و سخونة الرمال وجفاف الجو جففت الجسم والوجة واضح هو والشعر كانها مومياء و اعدنا تغطيتها بالرمال وتركناها مكانها و اكملنا المشروع و عند عودتى للمعسكر ابلغت قائد الكتيبة الذى امرنى بالصمت

قصتى مع القنابل اليدوية

مرت الايام حتى يوليو ١٩٧٠ حيث انتدبت للشرطة العسكرية و انضممت الى السرية ٢٤ شرطة عسكرية قيادة عامة بالسويس..

كنت ملازم اول قائد فصيلة شرطة عسكرية وكانت السرية تتمركز فى فيلات شركة البترول بالزيتية فيلا مخصصة مكاتب ونوم للضباط و ٢ فيلا لمبيت ومكاتب ضباط الصف و ومبيت للجنود وفيلا مخازن ادارية.. ولا تاخذكم الظنون بانها فيلات كبيرة فاخرة بل فيلات صغيرة الطابق السفلى صالة كبيرة و حجرة صغيرة ومطبخ صغير ودورة مياة صغيرة و الطابق العلوى دورة مياة متوسطة و٣ حجرات نوم... و كنا مجموعة متميزة من الضباط ولاد الناس المحترمين يقودنا الرائد محمود احمد على من ابطال مصر فى كرة السلة و تولى فيما بعد رياسة الاتحاد المصرى لكرة السلة ثم رياسة اللجنة الاولمبية المصرية واستمر معنا سنة ثم نقل ليدير مكتب تحريات الجيش الثالث الميدانى بالسويس وهى مهمة شديدة كما تعلمون

.استلم قيادة السرية ضابط متميز اخر وفى عام ١٩٧١ رقيت الى رتبة النقيب و توليت وظيفة قائد ثان السرية...

وفى احد الايام قمت بالمرور على فيلا المخازن الادارية لاتفقد المخازن والحراسات...

خلال المرور مررت على حجرة مغلقة بالاقفال القديمة وسالت ماذا بها قيل لى انها مستلزمات الرماية فطلبت فتحها لاتفقدها فنحن ضباط المشاة نعشق الرماية..

وجدت حجرة ٣x٣متر مليئة حتى السقف بصناديق القنابل اليدوية الدفاعية F1 (الحية ) وطبقا للدفاتر بها مالا يقل عن ٢٠٠٠ قنبلة....

شهقت قائلا يا للهول عندما وجدت ان العهدة ( صفر) وانة تم استهلاكها خلال عدة سنوات سابقة فى تنفيذ الرمايات...

حققت فى الموضوع وجدت ان السرية تقوم كل سنة بصرف قنابل يدوية حية للتدريب ونظرا لان ضباط الشرطة العسكرية يتم انتدابهم من الضباط المتميزين من جميع الاسلحة و منهم الكثير من ضباط الاسلحة الادارية والخدمية غير المقاتلة وحتى ضباط الصف ايضا ونظرا لتخوفهم من القنابل اليدوية فكانوا يضعونها فى مخزن و يسجلون بالدفاتر انة تم استهلاكها فى التدريب...

اسرعت الى قائد السرية واخبرتة وقلت لة يمكننى كضابط مشاة ان ادرب افراد السرية على استخدام القنابل اليدوية و نستهلكها كلها حتى لا نقع تحت طائلة القانون لو حضرت للتفيش على السرية لجنة تفتيش مفاجىء ووافق فورا...

وضعت خطة للتدريب المركز لتشمل جميع الافراد من جنود و سائقين و طباخين وسعاة وافراد البوفيهات و الكنتين حتى الجنود فى نقاط الشرطة العسكرية البعيدة..

كان التدريب نظريا وعمليا يشمل كل شىء كما الكتاب و اعددت عدة قنابل منها لتكون قنابل تدريب وذلك بان اقوم باخذ المفجر بدون القنبلة و اسحب تيلة الامان والقية فينفجر الجزء الامامى من المفجر ثم اعيد تركيب تيلة الامن...

واخذ القنابل بدون المفجر و اشعل نار فى حفرة واضع بها بعض الاخشاب حتى تصبح كالجمر اضع القنابل اليدوية مقلوبة على فوهتها بدون المفجر طبعا حتى يسيل منها بفعل الحرارة ال TNT ويحترق كالبلاستيك وعند انتهاء النيران اخرج القنابل بعد تمام خلوها ونقوم بتنظيفها جيدا وصنفرتها ودهانها باللون الابيض...

وبعد اكتمال التدريب النظرى والعملى اخذت مجموعة من الجنود وضباط الصف و معنا ادوات الحفر من كواريك و قزم وشكاير رمال و توجهنا الى ميادين رماية الجيش الثالث الميدانى بجبل عتاقة و انتخبت قطعة مثالية لانشاء ميدان رماية للقنابل اليدوية و رسمت لهم على الارض شكل الحفر المطلوب كميدان مثالى كما الكتاب يحقق التأمين للرماة وخلال يومين كان الميدان جاهزا للرمى وجهزنا البيارق الحمراء الكبيرة و لافتة كبيرة بانة ميدان رماية للقنابل اليدوية...

استكملنا التدريب و رميت امامهم عدة قنابل صامتة فى البداية ثم قنابل حية لانمى فيهم الثقة بعد ان كانوا متوترين فى البداية...

اصبت بانزلاق غضروفى نتيجة للثقة الزائدة لاحد الجنود فقد القى القنبلة بقوة وعالية ليس للامام ولكن الى اعلى وكادت ان تسقط علينا فقمت بحركة مفاجئة سريعة وطرت فى الهواء و قلبت الجندى على الارض وانا فوقة قبل ان تنفجر باجزاء من الثانية و الحمد للة سقطت على الميل الامامى الخارجى لحفرة الضرب وتدحرجت بعيدا عدة سنتيمترات كانت كفيلة بانقاذ حياتنا وانفجرت...

نقلنى ضباط الصف بعربتى الجيب بسرعة الى المستشفى وكان التشخيص انزلاق غضروفى و نصحونى بالنوم على الارض الصلبة لمدة اسبوعين واخذ حقنة مسكن يوميا...

فرش لى الجندى المراسلة بطانية على ارض الغرفة ونمت..

فى نفس اليوم ليلا شعرت بشىء يدخل قفايا ويتحرك ولم استطع ان امد يدى لاعرف ما هو وظللت مستيقظا طوال الليل اضرب اخماسا فى اسداسا هل هذا الشىء فأر صغير او سحلية او برص او صرصار كبير...

ولما طلع النهار وجاء الجندى المراسلة طلبت منة ان يساعدنى فى خلع جاكيت البيجامة و الفانلة....

وفعلا وجدت صرصار كبيرا جدا طولة حوالى ١٠ سم مفعوصا ( يكثر فى الريف و يسمونة جعران ويمكنة الطيران ) نتيجة محاولاتى طول الليل لاخراجة

......

...

================



بعد عودى الى مركز القيادة المتقدم للفرقة السابعة المشاة خلال احد المواقف الصعبة خلال مناورة الفرقة بالهجوم فى المناطق الجبلية ( المغربى )
وكان الموقف قيام لواء مدرع مستقل يمثل العدو بقيادة العميد اح احمد وهدان استاذى بالدورة ٢٦ اح عام ١٩٧٤ / ١٩٧٥
وبين اللواء ١١ مشاة ميكانيكى فى معركة تصادمية حرة ويحضرها وزير الدفاع
عند انزالى اوضاع القوات على خريطة عمل قائد الفرقة العميد اح محمود احمد مهدى وجدت تفوق كبير جدا فى قدرات الدبابات للجانبين فاقترحت على قائد الفرقة دفع مفرزة قوية مشكلة من كتيبة دبابات الفرقة عدا سرية ( تعمل احتياط )مدعمة بسرية صواريخ مضادة للدبابات وتقوم بسرعة بعمل التفاف و احتلال تباب حاكمة على اجناب اللواء المدرع المهاجم ( العدو ) لنرفع قدرات تدمير الدبابات للواء الميكانيكى واعجبت الفكرة قائد الفرقة وقال لى نظرا لضيق الوقت المتاح وجنازير دبابات العدو فى طريقها لتنفيذ خطتهم هل يمكنك قيادة المفرزة وسرعة تنفيذ فكرتك وتعتيهم تعليمات القتال اثناء التحرك قلت لة انا جاهز واعطانى عربة جيب اسرعت الى كتيبة دبابات الفرقة ولقنت قائد الكتيبة بالخطة المطلوبة مؤكدا على ذيادة السرعة وركبت اعلى دبابتة وامسكت بالبرج و اعطونى هلمت لوقاية الرأسي متصل بجهاز الاسلكى داخل الدبابة مع شبكة قائد الكتيبة وانطلقنا باقصى سرعة ولحقت بنا سرية الصواريخ المضادة للدبابات وطبعا كان الغبار كثيف جدا خارج الدبابة الناتج عن السرعة وحركة الجنازير ووصلت للتباب على الجانب الايسر لتحرك اللواء المدرع المعادى وقمت بتوزيعهم على الارض وثم رجعت الى مركز القيادة المتقدم لقائد الفرقة الذى استقبلونى بالاحضان والقبلات كاننى عائد من حرب حقيقية
وكانت هذة الصورة للذكرى واحتفظت بتعليق للعقيد اح كمال احمد عامر رئيس عمليات الفرقة الذى قال ( ابتسامة النصر والاؤفارول مغطى بتراب المعركة )

فى منتصف السبعينات من القرن الماضى كنت برتبة الرائد ا ح رئيسا لعمليات اللواء ١٢ المشاة / الفرقة السابعة المشاة بالجيش الثالث الميدانى وكنا نتمركز على طريق الجدى داخل سيناء ...


278603586_724541262055196_2682357265809062406_n.jpg


وكنت لا يعرف لى مواعيد للقيام باجازات ميدانية من كثرة الالتزامات المتتالية التى تحتم وجودى بالجبهة...
كنت متزوجا ولدى طفلة صغيرة جميلة و كنت اترك زوجتى وابنتى فى بيت حمايا اضمن خلال تواجدى بالجبهة فلم اكن اعلم متى سانزل الاجازة القادمة و كان من الصعب جدا فى هذا الوقت الاتصال تليفونيا بالخطوط الارضية للاطمئنان عليهما.. كانت ايام صعبة فعلا...
و فى فاصل قصير بين بعض الالتزامات سمح لى قائد اللواء العميد اح جلال الدين على رزق ب٧٢ ساعة اجازة ومهما وصفت لكم المعاناة التى كنا نعانيها للقيام باجازة ميدانية فلن تصدقوا المعاناة بالتحرك من محور طريق الجدى الى معبر جنوب البحيرات ثم اخذ قارب مطاط والعبور غرب القناة ثم التنطيط فى اى مواصلات للوصول إلى السويس و منها نستقل اما اتوبيس نقل عام للقاهرة او نستقل سيارة بيجو ( النعش الطائر) لان معظم سائقيها يقودون بسرعة جنونية للقاهرة ليعمل عدد اكبر من رحلات الذهاب والعودة وفى مصر الجديدة امام قهوة السوايسة بالكوربة اما تاخذ تاكسى او مترو النزهة للوصول للمنزل معاناة حقيقية مرهقة وقد تستغرق هذة الرحلة ذهاب حوالى ١٠ ساعات مخصومة من ٧٢ ساعة الاجازة طبعا ومثلها فى العودة ...
ذهبت إلى منزلى واتصلت بالتليفون الارضى بمنزل حمايا فلم تكن الموبايلات قد ظهرت فى هذا الزمن ..
الذى اخبرنى ان زوجتى كانت فى زيارة اختها فى الجيزة و مرضت ( باراتيفود) وهى هناك و فى فترة النقاهة تحت رعاية اختها وابنتى الصغيرة بخير لديهم فى مصر الجديدة ...
صباح اليوم التالى اخذت سيارتى وكانت فيات ١٢٨ وتوجهت الى منزل شقيقة زوجتى بالجيزة و اطمانيت و كان عديلى رحمة اللة انسان محترم جدا خدوم ولة نفس هواياتى وهى هواية السلاح الابيض و الاسلحة الصغيرة من مسدسات وبنادق ومر الوقت سريعا حتى حوالى الساعة ١١ مساء وكان فى هذا الوقت تقل جدا حركة السيارات والمارة فى الشوارع مع تخفيض الإضاءة ليلا...
انصرفت فى اتجاهى لمنزلى فى مصر الجديدة وانا من طبيعىتى ان اقود بعقل وحرص وجدت سيارة ملاكى كبيرة الحجم قد تكون مرسيدس تاتى مسرعة من الخلف وتضىء الانوار المبهرة العالية جدا و يد سائقها على الكلاكس...
ظننت انة مستعجل ويريد المرور فاوسعت لة الطريق واشرت لة من شباك السيارة للمرور..
لم يمر وبدأ فى الاصطدام بى من الخلف فاسرعت فاسرع و توقعت انة غالبا سكران قادم من شارع الهرم كلما أبطأت من سرعتى يقترب ويصدم الاكصدام من الخلف فاسرع و انا اتحين اى فرصة لابتعد عن طريقة دون جدوى دخلت على طريق صلاح سالم فاستمر خلفى مقلبا الاضواء العالية المبهرة و يدة مستمرة على الكلاكس ورغم ان الشارع فاضى الا من عدد محدود جدا من السيارات الا انة استمر فى صدمى من الخلف واشاهدة فى مرآة السيارة عندما يقترب منى يضحك بهيستيريا...
وصلت إلى شارع العروبة واستمرت المطاردة حتى وصلت إلى منطقة نادى الجلاء للضباط و نظرت امامى وجدت من بعيد عربة لورى محملة بحديد تسليح تسير يسار الطريق و لم يكن كوبرى الجلاء العلوى فى هذا الوقت قد تم انشاؤة و كان هناك ميدان صغير قبل الكلية الحربية مباشرة كنت التف منة يسارا الى شارع جنوب الكلية الحربية يؤدى الى مسجدها...
ذودت السرعة فاسرع خلفى بطريقة جنونية وفى ثوانى تخطيت اللوارى المحمل بحديد التسليح من يمينة و دست على الفرامل بشدة ودرت بسرعة يسارا من امام اللورى متجها فى الشارع الجانب خلف الكلية الحربية...
سمعت صوت اصطدام مروع وصوت زجاج وصاج يتحطم فمع السرعة العالية جدا لهذا السائق السكير لم يتمكن من الوقوف او التهدئة ودخل بسرعتة كاملة فى السيارة اللورى الضخمة المحمولة بحديد التسليح فتحطم وغالبا مات...
لم اتوقف استمريت فى القيادة الى منزلى و فى اليوم التالى صباحا بدأت رحلة العودة مرة أخرى الى وحدتى شرق القناة...
واحمد اللة على نجاتى من هذا السكير المجنون فقد كنت قد أعددت خطة بديلة و هى ان اتجة الى مطار القاهرة او الى قاعدة شرق القاهرة الجوية ولكن الحمد للة...
صباح اليوم التالى بدأت رحلة الكفاح للعودة اخذت المترو الى محطة سينما نورماندى ثم سيرا على الاقدام الى قهوة السوايسة بالكوربة وهناك اخذت تاكسى بالنفر الى السويس و من السويس اخذت اتوبيس الى جنوب البحيرات ثم القارب المطاط لعبور القناة للشرق ثم اى عربة الى قيادة اللواء على طريق الجدى..
كفاح للوصول إلى هناك ولا اظن ان ضباط الوقت الحالى قد مروا بهذة المعاناة

===============

ذكريات عن حلوى المولد النبوى

لا اظن ان احد من زملائى المحاربين القدماء ينسى علبة تعين القتال ( تعين الطوارئ) التى كانت تسلم لنا خلال حرب اكتوبر ١٩٧٣ وخاصة ( قالب الفولية) كان لة احلى مذاق ذقتة فى حياتى يبعث فيك الحياة والطاقة و السعادة وكان حجمة كبير يعادل كف اليد و مصنوع باجود الخامات بسخاء..

ياااة كم اشتاق الى هذا القالب الذى يرفع المعنويات وينسى المقاتل الجوع و يشبعة ولا اظن ان الجيل الحالى يعرف هذة المتعة وقضم وقرقشة قالب الفولية فى ضجيج المعارك وأصوات الانفجارآت وصلصلة جنازير الدبابات والدخان و الاستمتاع بمذاقة فقد تكون اخر وجبة لك أو على الأقل لمدة يوم قادم ..

يالها من ايام لا تنسى حاولت أن أعرف اسم المصنع الذى ينتجها بهذة الجودة لم أعرف مثل باقى مكونات التعيين فعلب الخضار باللحم او المكرونة باللحم مكتوب عليها اسمها ادفينا او قها الا هذا القالب مغلف فقط بالسوليفان..

وحتى الان عندما اتناول قضمة من الفولية لا أشعر بنفس الاحساس ولذة ومذاق قالب تعين الطوارئ يالها من ذكريات

من ذكرياتى ايضا عن تعين الطوارئ عندما ذهبت وانا برتبة العقيد ا ح مامورية طويلة للولايات المتحدة الأمريكية فى صيف عام ١٩٨٤ ضمن وفد عسكرى مصرى يضم خيرة ضباط القوات المسلحة من جميع التخصصات للعمل كمراقبين لحضور مناورة رئيسية لقوات القيادة المركزية الامريكية المسؤلة عن الشرق الأوسط ( الجالنت ايجل ٨٤ / النسر الشهم ١٩٨٤) برئاسة اللواء اح حسن الزيات قائد الجيش الثالث الميدانى..

وكان ضمن سيناريو المناورة إسقاط فرقة مظليين امريكية لتامين منطقة حيوية وتعطيل تقدم فيلق مدرع روسى على طريق التحرك ممثل (بلواء مدرع) وفى نهاية اليوم أخبرنا الجنرال قائد فرقة المظلات اننا مدعويين على افخم مطعم فى المدينة لتناول وجبة..

منينا أنفسنا بطعام فاخر فقد كنا على لحم بطوننا من قبل الفجر و اقلنا اتوبيس الى مكان المطعم واذا بة ميس ضباط قيادة فرقةالمظلات الامريكية و دخلنا وجلسنا وتشممنا عسى أن نجد رائحة شواء مثلا وشمرنا استعدادا للوجبة وصدمنا عندما اعطوا لكل واحد مننا علبة (باكتة) من الكرتون اتارية تعين قتال وليس طعام كما كنا نتمنى فتحت علبتى وجدت ان كل ما بداخلها معلب داخل علب صفيح قوى ولكنها ايزى اوبن ( سهلة الفتح) منها بلوبيف و طعام اخر لم احدد نوعيتة ولكن أظن انة من الشوفان و التهمناها من الجوع ولكن ليس بجودة علبة تعين القتال المصرى ولا كميتة و فتشت عن قالب مثل الفولية لم أجد ووجدت علبة صاج صغيرة الحجم فتحتها وجدت بداخلها قالب من الكيك ( كب كيك) لا يسمن ولا يشبع من جوع...

نقطة اخيرة لا وجة للمقارنة بين تعيين قتال حرب يونيو 1967 وبين تعين قتال حرب اكتوبر 1973..

كان تعين قتال حرب 1967 فظيع لم ارى فى حياتى اردأ منة مثلا شوربة عدس وتلاقى العلبة منفوخة من تركها في الشمس لحد ماضربت والخضار فول اخضر بالصلصة ( عمرى فى حياتى من قبل لم تذوق فول أخضر حراتى مطهى مثل الفاصوليا الخضراء) وبها قطعة لحم صغيرة من لحم الديناصور عاوزة تتزلط وتتبلع وليست للمضغ ابدا رغم اننا كنا شباب واسناننا تقرقش الظلط ..

ايام ربنا لا يعودها كأنهم بيعلفوا حيوانات علشان يبقونا على قيد الحياة فقط لا غير

وأعتقد أن هذا التعين ( تعين القتال و تعين الطوارئ) بعد قرابة حوالى نصف قرن على حرب أكتوبر 1973 قد نالة الكثير والكثير من التطوير والتحديث كما حدث فى القوات المسلحة.

هل تصدقون لو قلت لكم اننى خلال الثلاثة شهور اكتوبر ونوفمبر وديسمبر ١٩٧٣ لم اتناول اى طعام مطبوخ كلة معلبات من تعين القتال والتحلية قوالب الفولية

404917027_1076384206870898_7673074725540708280_n.jpg




فلم يكن من ضمن تنظيم السرية ( السرية ٣٧ شرطة عسكرية المسؤلة عن تنظيم المرور على كبارى ومعديات الجيش الثالث الميدانى ) اى عنصر للطهى او مطبخ ميدانى ولا مقطورة طبخ ولا لدينا طهاة وكانت السرية موزعة مابين منطقة المثلث فى السويس وكوبرى الفرقة ١٩ المشاة و كوبرى الفرقة السابعة المشاة فى جنوب البحيرات وكان اعتمادنا الاساسى على تعين القتال

وبعد الحرب و عودة السرية وانضمامها الى مدرسة الشرطة وخلال دخولى احد الحجرات فى منزلى لم اشعر الا وانا ملقى على الارض فقد اصبت باغماء مفاجئ

وقد شخص الاطباء الحالة بنقص شديد فى فيتامين B و فيتامين C وكتبوا لى على حقن يوميا لمدة اسبوع ثم كل ثلاثة ايام كل اسبوع لمدة شهرين والحمد للة ..

ذكرياتى عن مآ سى الحروب

فى بداية السبعينات من القرن الماضى كنت أقيم بمنزل العائلة بمصر الجديدة و كان لنا جارة فى منزل مجاور بنت ناس متربية محترمة جميلة جدا تم خطبتها وزواجها رغم أنها لم تتعدى ال١٨ من عمرها تزوجت من ضابط مهندس برتبة نقيب وانتقلت الى عش الزوجية وانقطعت أخبارها عن الحى..

كنت فى هذا الوقت برتبة النقيب اخدم فى الشرطة العسكرية بمدينة السويس و خطبت انا ايضا عن طريق الاسرة فتاة جميلة جدا بنت ناس محترمة صغيرة السن كانت فى اولى ثانوى بمدرسة الليسة وكانت فاتحة خير لى فقد انتقلت فى بداية عام ١٩٧٣ للعمل بالقاهرة بمدرسة الشرطة القريبة من إدارة التجنيد بجسر السويس وبعدها بعدة شهور ترقيت إلى رتبة الرائد بعد أن امضيت فى رتبة النقيب ١،٥ سنة فقط ثم فى يوليو 1973 تزوجنا بعد حصولها على الثانوية العامة و التحقت بالجامعة ٠٠

وفى شهر سبتمبر ١٩٧٣ رفعت درجة استعداد القوات المسلحة للحالة القصوى لتنفيذ مناورة استراتيجية للقوات المسلحة وتم تشكيل سرية شرطة عسكرية ( السرية ٣٧ شرطة عسكرية) مشكلة من ضباط وصف ضباط وجنود مدرسة الشرطة العسكرية و انقلبت المناورة لتكون حرب حقيقية يوم ٦ اكتوبر ١٩٧٣..

كلفت سريتى بالتمركز فى مدينة السويس و استلام مسؤلية تنظيم التحركات طبقا لخطة العبور للقوات على كبارى ومعديات الجيش الثالث الميدانى و شاركنا فى الحرب ومرت الايام وشاهدت الكثير من الاحداث منها استشهاد خالى العميد اح مهندس احمد حمدى يوم ١٤ اكتوبر ١٩٧٣ على كوبرى الفرقة السابعة المشاة علامة كم ١٣٧ ترقيم قناة بعد مقابلتى لة بحوالى ساعتين و خلال اشرافة على إصلاح الكوبرى المدمر بعد ان دمرت الغارات الجوية المعادية أجزاء منة و كنت متواجد بقربة للسيطرة على التحركات..

ومرت الايام و حدثت الثغرة و لها عندى ذكرى لا تنسى ففى يوم ٢١ اكتوبر ١٩٧٣ ( يوم وقف اطلاق النار فى اخر ضوء) تم تدمير أجزاء من نفس الكوبرى ايضا بواسطة طيران و مدفعية العدو بعيدة المدى و كان جارى اصلاحة بواسطة مهندسى الكبارى وتوقف العبور علية واستبدلناة بالمعديات لحين اصلاحة وكان الاصلاح سيستغرق مدة طويلة..

ولم يلتزم الإسرائيليين بوقف اطلاق النار وبدؤا فى توسيع الثغرة مستغلين احترام المصريين الاتفاقيات والمعاهدات.. ذهبت إلى مقر تمركز السرية بمدرسة الشهيد سند بالمثل بمدينة السويس للاطمئنان على افراد السرية وعلمت ان جنودى العاملين على كوبرى الفرقة السابعة المشاة بجنوب البحيرات لم ينضموا على معسكر السرية بالسويس رغم اننا اقتربنا من اخر ضوء ..

قلقت وقررت ان اذهب إليهم بنفسى لاحضارهم رغم بعد المسافة وفعلا اخذت عربتى الجيب و ناشدنى المساعد الشجاع على ماهر و المساعد محمد الموسكى ان يتطوعا بالذهاب معى الى هناك للمعاونة فغالبا سيكون الجنود منتشرين على المدق المؤدى الى الكوبرى الجارى اصلاحة و بمنطقة الانتظار لانتشار القوات غرب طريق المعاهدة و ضوء الشمس قارب على الغروب ..

وبالفعل اخذتهما معى وتحركنا بأقصى سرعة لنكون هناك قبل حلول الظلام وخاصة ان مدرعات العدو كانت قد وصلت إلى طريق السويس / القاهرة بمنطقة عجرود..

وصلت الى مدخل المدق المؤدى الى الكوبرى الجارى اصلاحة فوجدت جنودى ومعهم الملازم اول عبد الكريم خليل قائد فصيلة الشرطة العسكرية ليس عندهم اى علم او اوامر للعودة و بالتوجة للسويس ويقومون بعملهم العادى بعمل بوابة مضيئة بفوانيس الشرطة العسكرية المضيئة الملونة و وضع فوانيس مضيئة ملونة على امتداد المدق المؤدى الى الكوبرى وعلى المدقات الفرعية بمنطقة انتظار وانتشار القوات التى ستعبر بعد إصلاح الكوبرى تخيلوا منظر الاضائة بالألوان لكل هذة المحاور كانك فى مطار و كل ممر محدد بلون مضئ تراة من الغرب وانت متحرك فى اتجاة المعبر ..

فورا اصدرت الأوامر بترك كل شئ و تجميع الجنود و جلست فوق الساتر الترابى شرق طريق المعاهدة الذى كان يحجب تحركات قواتنا العرضية عن أنظار العدو شرق القناة

دخل الليل وحل الظلام..

78984544_189949655514362_536361576123334656_n.jpg






كان معى نظارة الميدان وشاهدت من بعيد على طريق فايد / السويس رتل من المجنزرات دبابات وعربات مدرعة يتحرك قادما من منطقة الجيش الثانى فى اتجاهنا ولم استطع ان أميز اذا كان الرتل للعدو او لقواتنا الا اننى للاحوط أمرت الجنود بالرقاد خلف اى ساتر واخفيت عربتى الجيب واللورى المخصص للجنود فى حفرتين للدبابات حتى لا يراهم احد متحرك على المدق وفعلا بعد قليل باقتراب القوة المتحركة وجدت انها دبابات ام ٦٠ وعربات مدرعة الجنود ام ١١٣ إسرائيلية وبتقديرى للعدد حددت انها كتيبة دبابات مدعمة بسرية مشاة ميكانيكية فامرت الجنود بمنع اى حركة او الهمس او حتى رفع رؤسهم حتى لا يراهم العدو فيسحقهم بجنازير الدبابات ولن تجدى وقتها المسدسات التى معنا..

توقف رتل العدو امام بوابة المدق المضاءة بفوانيس الشرطة العسكرية الملونة وأطلق طلقات إشارة مضيئة ثم بدأ فى التحرك يسارا الى بوابة المدق فى طريقة الى الكوبرى...

كمنت فى مكانى وكنت لا ابعد اكثر من حوالى ١٥ متر عن العدو المتحرك وكنت اسمع أصوات تحدثهم بوضوح و قمت بعد واحصاء الدبابات و العربات المدرعة التى دخلت فى اتجاة الكوبرى المدمر انتظرت قليلا حتى دخل الرتل كلة وقمت بسرعة بمعاونة المساعد على ماهر ( الشجاع) والمساعد محمد الموسكى ( الشجاع ) والملازم اول احتياط عبد الكريم خليل قائد فصيلة الشرطة العسكرية فى تجميع الجنود واسرعت فى تحريكهم بأقصى سرعة الى السويس...

اما انا فتوجهت بأقصى سرعة الى مركز القيادة المتقدم للجيش الثالث الميدانى خلف مطار الشلوفة القديم والذى كنت اعرف مكانة من سابق خدمتى بالجيش الثالث الميدانى واصر المساعد على ماهر على البقاء معى فى هذة المهمة و قابلتنى نقطة حراسة من الشرطة العسكرية عرفونى بعد ان قلت لهم كلمة (سر الليل) التى كانت تتغير يوميا وخلال دقائق كنت امام اللواء اح عبد المنعم واصل قائد الجيش وقصصت علية الموقف وكان كلامى يؤيد بلاغ سابق من منطقة فايد وقام بإصدار قرار بان ااخذ سرية صاعقة احتياطى قائد الجيش من كتيبة الرائد زغلول فتحى بقيادة رئيس عمليات الكتيبة واتوجة مرة أخرى الى مكان الكوبرى وستقوم الصاعقة بالتعامل مع العدو و يقوم قائد اللواء الثامن المشاة العميد اح فؤاد صالح ذكى بدفع عناصر اقتناص الدبابات بقيادة المقدم عبد الوهاب الحريرى قائد الكتيبة ٢٦ المشاة بالعبور على كوبرى خفيف للمشاة مقام فوق براميل للعبور غربا و الاشتباك مع العدو من اتجاة الشرق..

وبالفعل اخذت سرية الصاعقة وكانت محملة على لوارى نصر وبدون اى اضائة لعدم كشف التحرك توجهت الى مكان بوابة المدق المؤدى الى المعبر واوصلتهم ( وقد كتبت مقال تفصيلى عن ذلك سبق نشرة) وقد تمكنت الكتيبة ٢٦ المشاة من تدمير ٨ دبابات للعدو وحصل المقدم الحريرى على وسام نجمة سيناء من الرئيس الراحل انور السادات..

عدت الى مقر السرية وعلمت ان رئيس فرع الشرطة العسكرية للجيش الثالث الميدانى قد أرسل مندوب بمهمة مكتوبة جديدة استلمها منة ووقع عليها النقيب سامى ابو النور بصفتة قائد ثان السرية ملخصها بان اتحرك بسريتى الى كم ٤١ طريق السويس/ القاهرة (الحد الخلفى للجيش) واتمركز هناك وافتح نقطة شرطة عسكرية للسيطرة على حد خلفى الجيش..

قدرت الموقف فكان مستحيل ان نتحرك على طريق القاهرة / السويس لانة مقطوع بواسطة القوات الإسرائيلية المدرعة وتقوم بضرب اى تحركات علية فقررت ان اتحرك على الطريق الساحلى غرب خليج السويس الى منطقة وادى حجول جنوب جبل عتاقة واتحرك على مدق الرملية حتى اصل الى مطار القطامية الى كم ٦١ طريق السويس / القاهرة ثم إلى كم ٤١ وهو مسار الطريق الامن الوحيد امامى ...

كنا ليلا كما ذكرت وقبل تحركى لقنت السائقين و الضباط وضباط الصف من واقع خبرتى فى حرب ١٩٦٧ فى حالة حدوث غارة جوية ان لا يتوقفوا على الطريق ويقفذ الجنود منها بل على العكس عليهم الاسراع باقصى سرعة والخروج عن محور الطريق حتى لا تدهسهم او تتصادم معهم الدبابات والعربات التى تهرب من الغارة ويسرعوا الى تبة على مسافة ٢ كم من الطريق وينتشروا حول العربة بعد وضعها فى مكان يسترها ثم يعيدو تجميعهم بعد انتهاء الغارة

وخلال تحركى على رأس رتل السرية وقبل الوصول إلى مضيق الرملية حدثت علينا غارة جوية عنيفة بواسطة طائرتين للعدو ( غالبا فانتوم يمكن لكل طائرة حمل حوالى ٦ طن قنابل على الاقل) أطلقت خلالها صواريخها وقنابلها على رتل كان يسير خلفنا من معدات المهندسين الثقيلة ( عربات ثقيلة وحفارات خنادق وبلدوزرات وجريدرات... الخ) انتشرنا فى الجبل حتى نؤمن أنفسنا ثم اعدت التحرك على نفس المدق فى اتجاة عربة مشتعلة كانت قد دخلت فى حقل ألغام لنا على مدخل مضيق الرملية خلال الانتشار وقت الغارة وكان بها جندى مصاب من سلاح الحرب الكيميائية و ساقة معلقة اخذتة معى وارقدناة فوق شبكة التموية على أرضية العربة الجيب واسرعنا بأقصى سرعة وفتحنا النور العالى للوصول إلى نهاية المدق ومنة الى حى المعادى ثم اذهب بالجندى المصاب الى مستشفى المعادى العسكرى..

خلال الاقتراب شاهدت معسكر تحرسة الشرطة العسكرية فعرفونى على الفور فوجودى بمدرسة الشرطة العسكرية جعل الجميع يعرفنى بالطبع وسألتهم عن طريق الذهاب إلى مستشفى المعادى لإنقاذ الجندى المصاب وعلمت منهم انة معسكر لتجميع الشاردين وجائنى رائد عرفنى بنفسة بانة من المهندسين الشاردين بعد الغارة وهو يعلم مكان مستشفى المعادى فاخذتة معى ليدلنى على الطريق..

وفى الطريق اخبرنى انة شاهدنى من قبل عند منزل الاسرة بمصر الجديدة وتبين انة زوج جارتنا فى السكن .

اوصلنا الجندى المصاب الى مستشفى المعادى واسرعوا بة الى غرفة العمليات وكان النهار قد بدأ فى السطوع ومررت على مصر الجديدة حيث انزلت الرائد المهندس الى منزل حماة حيث زوجتة التى اخبرنى انها حامل ..

رغم انى كنت امام منزل الاسرة الا اننى لم اذهب وأسرعت الى مدرسة الشرطة بالحلمية لاعادة تموين السيارة و توجهت الى منزل حمايا لاطمئن على زوجتى فهم لم يسمعوا عنى اى اخبار من يوم ١٥ سبتمبر ١٩٧٣ثم أسرعت الى طريق السويس وهناك عند علامة كم ٤١ وجدت ان سريتى بقيادة النقيب الشجاع سامى ابو النور قد وصلت وفتحت نقطة الشرطة العسكرية واخذونى بالاحضان فقد كانوا يظنوا اننى استشهدت خلال الغارة العنيفة ليلا..

مرت الايام و نفذت مباحثات كم ١٠١ ووقعت اتفاقية الفصل بين القوات و فك حصار الجيش الثالث الميدانى شرق القناة وكلفت سريتى بسرعة التحرك على طريق السويس وقفل مداخل السويس للسيطرة على التحركات ومنع خروج السلاح وتهريبة

ثم فى أوائل شهر مارس 1974 تم إنهاء إلحاق سريتى على الجيش الثالث الميدانى وعدت الى مدرسة الشرطة العسكرية فى اول اجازة لى بعد الحرب علمت من مصادر مختلفة ان الرائد المهندس زوج جارتنا الحسناء استشهد خلال قيامة بتطهير مدينة السويس فقد انفجرت بة دانة من مخلفات الحرب ...

دارت الايام وفى احد السنين ذهبت ومعى زوجتى إلى محل بيتزا هت امام نادى الشمس وهناك شاهدت جارتنا السابقة وقد تزوجت ومعها ثلاثة فتيات الكبيرة بيضاء تشبة والدها الرائد الشهيد والاخريتان سمراوتين يشبهان والدهم الذى تزوجتة امهم والذى كان جالسا معهم فالحياة تمضى سبحان اللة...

خلال مؤتمر للتعليق على احدى المناورات فى بدايات الثمانينات من القرن الماضى بقاعة المؤتمرات بقيادة الجيش الثالث الميدانى وكنت برتبة مقدم اح رئيس قسم العمليات بفرع عمليات الفرقة السابعة المشاة...
توقف اللواء اح قدرى عثمان بدر قائد الجيش الثالث الميدانى فجأة عن استكمال كلامة خلال التعليق عندما لمحنى جالسا استمع و نظر إلى وقال شرارة فنتفضت واقفا وصحت افندم فقال موجها كلامة لى هل اشتركت معنا فى حرب اكتوبر ١٩٧٣ و قبل ان انطق واقول لة نعم اشتركت و كانت عندما تحدث غارة جوية على كوبرى جنوب البحيرات والقى نفسى فى الخندق للاحتماء من الضرب اجد العميد اح قدرى عثمان بدر رئيس اركان الفرقة السابعة المشاة والمسؤل عن عبور وحدات الفرقة السابعة المشاة وتنفيذ خطة خدمة القائد للفرقة بجوارى...
استكمل اللواء قدرى حديثة وقال نعم انا اعرف انك اشتركت معنا وانا اعرفك من وانت ملازم عندما احضرت مدافع عديمة الارتداد باطقمها وذخيرتها عندما طلبتها من كتيبتكم ( الكتيبة ٣٤٢ المشاة ) خلال اشتباك مع العدو فى منطقة الشيخ حنيدق بنهاية عام ١٩٦٧..
واستكمل قائلا ولكن ادارة شؤون ضباط القوات المسلحة تقول انك لم تشترك وانت مرشح لمكان متميز...
قابلنى بمكتبى بعد المؤتمر لنحدد ابعاد المشكلة..
واستكمل التعليق على المناورة وتركنى اضرب اخماسا فى اسداسا...
وترجع معرفتى باللواء قدرى عثمان بدر فعلا الى اواخر عام ١٩٦٧ فقد تم بسرعة رفع الكفاءة القتالية للواء ١١٤ المشاة بعد انسحابة من جبل لبنى مساء يوم 6 يونيو عام ١٩٦٧ و تم تمركز الكتيبة ٣٤١ المشاة فى جبل مريم جنوب الاسماعيلية و تمركزت الكتيبة ٣٤٠ المشاة بقيادة المقدم اح قدرى عثمان بدر بمنطقة الشيخ حنيدق جنوب جبل مريم على القناة مباشرة..
وفى احد الايام حدث اشتباك كبير بين كتيبة المقدم قدرى و عناصر إسرائيلية تمركزت امامة شرق القناة تبعها دفع كتيبة دبابات إسرائيلى للاشتباك مع القوات بمنطقة تبة الشيخ حنيدق و استمر الاشتباك مدة طويلة استلزم احتياج المقدم قدرى الى مدافع عديمة الارتداد وذخيرة باطقمها..
فى هذا الوقت كانت كتيبتى ٣٤٢ المشاة نظرا لخسائرها الكبيرة فى حرب ٦٧ فى الافراد والمعدات نقلت للتمركز كنسق ثانى للواء فى منطقة ابو بلح لاستكمال رفع الكفاءة القتالية...
وعقد قائد الكتيبة المقدم اح محمد عاطف عبد الغفار مؤتمر بخيمة ميس الضباط يطلب ضابط للتطوع لتوصيل عربة لورى زيل محملة ب ٢ مدفع عديم الارتداد B10 و تجر مدفع عديم ارتداد B11 و معها خط ذخيرة من الدانات الشديدة الانفجار و الحشوة الجوفاء المضادة للدبابات...
تطوعت وقلت لقائد الكتيبة انا ضابط الاستطلاع واعرف جميع الطرق والمدقات.. ووافق و بحمد اللة اوصلتها خلال الاشتباك وفوجىء المقدم قدرى بى امامة اثناء الضرب اعطية التمام و طلبت منة تحديد اماكن الاطقم ليشتركوا فى الاشتباك..
وبعد توقف الاشتباك مع العدو بعدة ساعات
طلب منى المقدم قدرى ان ابقى معة بكتيبتة حتى انتهى الاشتباك و بعد هذا الاشتباك بعدة اسابيع تولى قيادة كتيبتنا المقدم فؤاد صالح ذكى وطلبت من المقدم محمد عاطف عبد الغفار قبل ان يغادر ان يامر بنقلى لاقود فصيلة مشاة فى سريتى السابقة و وافق ثم تم تعديل قرار الدفاع بجعل ك ٣٤٢ المشاة عدا سرية مشاة ودعمت ب سرية دبابات من كتيبة دبابات اللواء لتعمل احتياطى بدلا من نسق ثان و تم دفع سرية مشاة لتعمل كاحتياطى للكتيبة ٣٤٠ مش وانضمت سريتى بقيادة النقيب محمود ابو السعود ( شقيق الاعلامية هند ابو السعود) لتكون تحت قيادة المقدم قدرى فى الامام...
وكانت كتيبة المقدم اح قدرى عثمان بدر تحتل دفاعاتها فى نسق واحد من 3 سرايا تحتل الساتر الترابى الغربى و احتياط من سرية مشاة خلفهم ( س 9 / ك 342 المشاة).

بصفتى كنت ضابط استطلاع الكتيبة و فى السرية الاحتياط كان المقدم قدرى عثمان بدر يستعين بى احيانا لمعاونتة فى رسم القرارات و كتابة اوامر وثائق القتال...

نعود مرة اخرى الى بداية الثمانينات...
بعد المؤتمر توجهت الى مكتب قائد الجيش الثالث الميدانى اللواء اح قدرى عثمان بدر كما امرنى...
و دخلت واديت التحية فطلب منى الجلوس وارسل فى احضار رئيس فرع شؤون ضباط الجيش الثالث الميدانى و علمت من المحادثة اننى كنت مرشح لوظيفة متميزة فى مكان متميز واعترضت ادارة شؤون ضباط القوات المسلحة بحجة اننى لم اشترك فى حرب اكتوبر و اعترض اللواء قدرى فكانت اجابتهم ان الاوراق لا تثبت اننى اشتركت...
فاوضحت اننى كنت رئيسا لجناح التدريب العام بمدرسة الشرطة العسكرية و عند رفع درجات الاستعداد تشكل من المدرسة سرية شرطة عسكرية ( س ٣٧ ش ع) كنت انا قائدها وانضمت للجيش الثالث الميدانى بمهمة السيطرة على الكبارى والمعديات خلال تنفيذ خطة العبور و بعد توقف اطلاق النار تم عودة السرية فى شهر فبراير ١٩٧٤ الى مدرسة الشرطة العسكرية حيث تم حل السرية وعاد كل منا الى عملة السابق... وان مدير المدرسة فى هذا الوقت لم يفعل اى شىء لحفظ حق من اشترك فى حرب اكتوبر ١٩٧٣ من الضباط و الصف والجنود...
و طلب اللواء قدرى من رئيس فرع شؤون الضباط مقترحاتة لاثبات اشتراكى حتى لا تضيع الفرصة..
فقال لة يتم عمل تقرير الكفاءة السرى عن فترة وجودة فى الجيش الثالث ويوقع عليها رئيس فرع الشرطة العسكرية للجيش الثالث (العقيد محمد محمود جلال الجوهرى) و يصدق عليها رئيس اركان الجيش الثالث فى هذا الوقت اللواء اح مصطفى شاهين و كلاهما فى هذا الوقت كانوا قد تم تقاعدهم ...
واحضر لى التقرير من عدة صور و قام بالاتصال برئيس فرع الشرطة السابق واخبرة بموضوعى لاذهب الية و قام اللواء قدرى مشكورا بالاتصال باللواء مصطفى شاهين للتصديق...
وبالفعل ذهبت وقابلت كل منهم العميد متقاعد محمد محمود جلال الجوهرى كان يدير محل للملابس تمتلكة ابنتة بمصر الجديدة ووقع على الاوراق و ذهبت الى محل امفتريون فى روكسى لمقابلة رئيس اركان الجيش السابق وطلب منى اللواء مصطفى شاهين احضار قلم احمر للتوقيع بة ففعلت وتم تسليم الاوراق الى ادارة شؤون الضباط للقوات المسلحة...
وحتى الان بعد طول هذة السنين لا اعلم ماذا كانت هذة الفرصة الضائعة هل هى ملحق عسكرى او مكتب مستشار الرئيس للامن القومى او اى مكان ثالث الاجابة عند اللة عز وجل

=============

خلال عملى لمدة عام كامل بمركز ادارة الازمات للقوات المسلحة عام ١٩٩٥ قام احد الزملاء الاعزاء ذوى الخبرة والعلم والمعرفة باعداد خريطة اعجبتنى جدا فكرتها ( خريطة المخاطر ) ومن اسمها نعلم انها تحتوى على جميع المخاطر التى يمكن ان تتعرض لها منطقة او مدينة او قريه او محافظه او حتى وحدة عسكرية فكانت تشمل على سبيل المثال على افتراضات حقيقية يمكن تحدث لكوارث مثل حريق فى محطة تموين بالوقود ويحتمل امتدادها الى المبانى و الاحياء المجاورة و يتم تخطيطها على جميع محطات ومستودعات الوقود.فتشمل المكان واتجاة الريح السائدة وسرعتها و كمية واصناف الوقود بداخلها و اصناف طفايات الحريق وقدراتها بالمكان و من سرعة الريح واتجاهها يمكننا رسم مثلث قمتى هى مكان المحطة وقاعدتة متغيرة فى اتجة الريح وسرعتها وبالتالى الاماكن الخطرة التى يمكن ان تذيد الكارثة تفاقما لو امتدت لها النيران خلال اتجاهها وتوسعها مع اتجاة الريح

واماكن اقرب وحدات الاطفاء و الوقت اللازم لوصولها الى مكان الحريق والطرق التى تتحرك من خلالها والطرق البديلة لتحركها فى حالة تعطل الطريق الاساسى

ومكان اقرب المستشفيات وسعتها الاستيعابية للحالات و عدد عربات الاسعاف بها ووقت وصولها الى منطقة الحدث وبالتالى جميع ارقام التليفونات ووسائل الاتصال

الرئيسية والتبادلية ...الخ

كل ذلك على خرائط دقيقة ذات مقياس رسم مناسب ثم يتم ترجمة كل ذلك على الحواسب ليتم استدعاء كافة البيانات فوريا بتسلسلها

مجهود ضخم جدا كما تلاحظون

كانت هذة المقدمة الطويل لما ساقولة لاحقا

نشطت هذة الفكرة مخى فركزت على العشوائيات وكانت العشوائيات فى هذا الوقت فى التسعينات تسبب الارق للمسؤلين فقد كانت بها جميع المخاطر ليس المبانى العشوائية فقط بل وانتشار المخدرات و الاجرام بجميع اشكالة و العشوائية فى تخطيط الشوارع والحارات فهى ضيقة ملتوية لا تسمح حتى بدخول عربات المطافىء الضخمة

او عربات الاسعاف وبها كثافة ضخمة جدا من البشر واى حريق بها سوف ينتشر حتما طبقا لاتجاة الريح ليحرق مساحات كبيرة ولا يمكن حصر المشكلة ابدا

والاخطر ان هذة المناطق العشوائية تحيط بالقاهرة كلها من جميع الاتجاهات و تجاور جميع الاحياء الراقية فيها

ورغم تتابع الرؤساء على مصر الا ان لم يجرؤ احد منهم على الاقتراب من هذة العشوائيات الا واحد فقط وهو الرئيس محمد عبد الفتاح السيسى بارك اللة فية وقضى على هذة المشكلة تماما وبنى لساكنيها احياء حضارية جميلة بها كل متطلبات الحياة من مدارس وجوامع وكنائس و عيادات ... الخ

خلال هذة الفترة ( التسعينات ) قرأت عن جميع الحرائق الكبرى فى العالم طبقا لمبدأ ( لا جديد تحت الشمس ) يمكننا بتحليل هذة الكوارث ان نأخذ الخبرة لتلافيها مستقبلا ..

درست بالتفصيل حريق لندن الكبير كمثال لاحدى هذة الكوارث

وللتذكرة الخص الكارثة فى التالى ..

حدث حريق لندن الكبير من يوم الاحد ٢ سبتمبر الى ٥ سبتمبر عام ١٦٦٦ ( فى الصيف ) وكان سبب الحريق هو اشتعال النيران فى مخبز يمتلكة ( توماس فرينور ) فى شارع بادنج لين وهى منطقة عشوائية فى وسط لندن القديمة

وانتشرت النيران غربا مع اتجاة الريح العاتية عبر مدينة لندن القديمة التى كان يحيطها سور حجرى رومانى قديم فقد كانت هذة المنطقة من قبل القرون الوسطى معسكرات للقوات الرومانية التى تحتل بريطانيا ولم تكن اجراءات مكافحة الحرائق متطورة كما الان بل كانت تتمثل فى اقامة حواجز تعترض طريق النيران عن طريق الهدم للمنازل

التى تعترض مسار النيران مثلما يفعلون الان فى حرائق الغابات .

تعطلت هذة الاجراءات بسبب تردد عمدة لندن فى هذا الوقت (السير توماس بلود ورث ) و اخيرا بدات بعد صدور قرار المكافحة و القيام باعمال الهدم على نطاق واسع مساء يوم ٢ /٩ ولكن الرياح الشديدة جدا عززت النيران وتحولت الى عاصفة نارية شديدة جدا قهرت الحواجز وتدفقت النيران الى قلب مدينة لندن ..

وبحلول يوم ٤ /٩ كانت النيران قد انتشرت واصبحت خارج السيطرة و احرقت كاثدرائية القديس بولس وتخطت نهر فليت لتهدد بلاط الملك تشارلز الثانى فى وايت هول

واخيرا تم السيطرة على النيران بسبب الانخفاض الشديد فى حدة الرياح الشرقية وبسبب استخدام حامية برج لندن ( البارود )فى سرعة تكوين الحواجز النارية

النتائج..

هدمت النيران جميع مبانى لندن القديمة التى بنيت فى تلعصور الوسطى وكادت النيران ان تصل الى حى وستمستر الارستقراطى وقصر الملك تشارلز الثانى ( وايت هول ) والتهمت النيران غالبية المناطق العشوائية الفقيرة ودمرت ١٣٠٠٠ منزل و ٨٦ كنيسة وكاتدرائيه القديس بولس القديمة و شردت ٧٠ الف مواطن من سكان لندن البالغ عددهم ٨٠ الف مواطن

وانتشرت الشائعات بان مجموعة من الاجانب تقوم باشعال الحرائق واشتبة السكان الفقراء فى الفرنسيين والهولنديين اعداء انجلترا ابان الحرب الانجليزيه الهولندية الثانية التى كانت تدور رحاها فى هذا الوقت مما ادى الى تعرض مهاجرين كثيرين للعنف ومنهم من نفذ اعدامه بدون محاكمة ونهبت منازلهم .

نتج عن ذلك ..

شجع الملك تشارلز الثانى السكان الى النزوح من لندن والاقامة فى اماكن اخرى خوفا من ثورة اللاجئين الذين نهبت اموالهم وممتلكاتهم ..

سالنى بعض الاصدقاء هل كانت هناك وسائل اخرى لاطفاء الحريق سوى الهدم وانشاء حواجز للنيران ؟؟؟

بالقطع كان هناك طريقة اخرى بطيئة فقد كانوا يستخدمون الدلاء ( الجرادل ) لاحضار الماء من اقرب المصادر وكان فى السابق هناك عجلة مائية كبيرة ( ساقية )

خشبية عند جسر لندن تاخذ الماء وتنقلة خلال قنوات الى وسط لندن الا انة شبت حريق فى الساقية عام ١٦٣٣ ولم يعاد انشائها ..

وسالنى صديق اخر عن تكلفة انشاء مدينة لندن الجديدة ؟؟!

دمر فى الحريق ١٣٢٠٠ منزل وكانت معظم المنازل من الخشب واحيانا من الطوب ولكن جميع الدفايات كانت من الطوب والحجارة هى ومداخنها وقد تكلف بناء لندن الجديدة بالطوب والحجارة ١٠ مليون جنية استرلينى وهو مبلغ ضخم جدا بمقاييس هذا الزمن فى حين كان دخل المدينة السنوى ١٢ الف جنية استرلينى واستمرت اعمال البناء ٣٠ عاما ..

معلومة اخيرة ..

تم انشاء نصب تذكارى لحريق لندن الكبير the monument

عبارة عن عامود حجرى ضخم على الطراز الرومانى برتفاع ٦١ متر ( وكعادة الانجليز الدقيقة فى التوثيق ) صمم النصب التذكارى للحريق فان ومهندس، وهما كريستوفر رن و روبرت هوك و استمر التشييد من عام ١٦٧١ الى عام ١٦٧٧..

والعامود مجوف من الداخل ويمكن تسلقة الى اعلى العامود عن طريق ٣١١ درجة سلم حلازونى داخلى

ومسموح بزيارتة ورسم الدخول الان ٤ چ استرلينى للكبار و ٢ ج استرلينى للصغار

وللاسف اعيد بناء لندن طبقا لخطة الطرق العشوائية القديمة

اتمنى ان تحللوا معى هذة الاحداث لنخرج بالدروس المستفادة حتى لا تتكرر هذة الماساة فى قرى مصر



278859655_725466958629293_8314658835787499081_n.jpg




157535673_1392517694432304_3137419637645629676_n.jpg




90805005_243490896826904_1963069327246622720_n.jpg




133.jpg




441254279_1172442173931767_6881592302480314929_n.jpg





المصدر المجموعة 73 مؤرخين